الشيخ فادي سعد
|
فدتكِ الجراح بما ترسمُ |
وأنتِ لآلامها البلسمُ |
|
فدتكِ ولوحٌ من التضحيات |
يُخطُّ به مجدك الأعظمُ |
|
بأجمل ما صوّر المبدعون |
وأكملَ ما أجزل المنعمُ |
|
وأرقى الذي فاق وصف الخيال |
وحيث انطوى العالم الأقدمُ |
|
أيا قدس يا كعبةً للسماء |
بكِ اطّوّف الروحُ يستعلمُ |
|
فإذ بالفداء بساح الإباء |
وفوق البراق لكِ التوأمُ |
|
فلسطين هبّت ليوث العرين |
إلى ما جنى في الملا معرمُ |
|
تصدّ بمقلاعها جحفلاً |
وشارون في وكره يُرجمُ |
|
إلى أن رأى في ربى يعربٍ |
صهاينةً أخرجوا منهمُ |
|
عسى أن يعيد النفوس الضعاف |
شتاتاً على أرضهم قُسِّموا |
|
فيا بئس ما صرّف الأرذلون |
وهانوا كما صُرِّف الدرهمُ |
|
أيا قدس إن كان هذا الخنوع |
فما كان منكِ ولستِ همُ |
|
همُ التائهون همُ الواهمون |
همُ الواجمون همُ النّومُ |
|
وأنتِ الجلال وأنت الجمال |
وأنتِ النضال وأنتِ الدمُ |
|
وأنتِ الضياء وأنتِ البهاء |
تزين العلى والعلى أنجمُ |
|
فدتك الجراح إذا ما الصباحُ |
جناح الأمين بهِ عندمُ |
|
فلسطين هذا الوتين إليكِ |
وهذا الحنين لقلبي فمُ |
|
وأي فم عند تلك الدماء |
ووهج الفداء فمٌ أبكمُ |
|
وأي خطاب عقيب الخطوب |
وحيث الضحايا صدى مبهمُ |
|
وقد أشرقت فوقهم فاطمٌ |
إلى الغار حيث ثوت مريمُ |
|
يقيمون وسط الوغى محفلاً |
وليس يقام لهم مأتم |
|
سألثم جرحاً براه الرصاص |
كما الطفل في ثغره يُلثمُ |
|
وحيث بدت خلف ركن الجدار |
طيورٌ بمصرعه حوّمُ |
|
وما يدّلي من غصون الجنان |
إلى روضة زانها برعمُ |
|
سقته السماء معين البقاء |
وفاضت إلى جنبه زمزمُ |
|
عليه تنزَّلُ عمرَ الدهور |
ملائكة الغيب تستنعمُ |
|
وصاغ له المجد صكّ الخلاص |
فلا مندمٌ فيهِ أو مأثم |
|
بلوغاً لما لم يكن مبرماً |
وردّاً لكل الذي أبرموا |
|
ينبّيكِ عنه فعال الغزاة |
وما أخّروه وما قدّموا |
|
وليس العجاب بأن يجرموا |
وإنّ العجاب بأن يرحموا |
|
فدتكِ الجراح وليس النياح |
يصون الحدود إذا أقحموا |
|
فدتكِ الجراح وهذا السلاح |
يردّ عن الظلم من يظلمُ |
|
وكيف يُذال كرام الرجال |
إذا ما طغى اللدّ أو دمدموا |
|
فمذ أحجم العرب هم أقدموا |
ونهج الحسين لهم مُلهمُ |
|
بأن الكرامة ليست تُباع |
وليست تضاع ولا تُرغمُ |
|
لئن تغلبي زانهم مغنمُ |
وإن تُغلبي شانهم مغرمُ |
|
تناهوا فما رنّ دينارهم |
ليوسمهم بالجدا ميسمُ |
|
ولا أضرمت في الوغى نارهم |
وإن محّصوا بالبلا يسأموا |
|
وقد اطعموك الوعود الطوال |
وباتوا بما فزتِ لم يحلموا |
|
فيا أمة العرب طال القعود |
وهذي الظلامات تستفهمُ |
|
وأين العهود وقد خطّها |
كفوراً بمن عدَّها الرقم |
|
إلى أن بكى رهطها المهطعون |
ومذ ضيّع الحقّ مستسلمُ |
|
لينعى الضمير وأين الضمير |
أما ضمّه قبره المظلمُ |
|
فدتكِ الجراح إلى مصرعٍ |
هو الشَّهد عندي لا العلقمُ |
|
فدتكِ الجراح وشرع الكفاح |
يطلّ به المعتدي يُلجَمُ |
|
فلسطين لبّاكِ هذا الدمُ |
وحيّاك من ساحه ضيغمُ |
|
هو النصر آتٍ بنصر الإله(1) |
ليزهر منْ زرعه موسمُ |
|
وتبقى لكِ القدس آي الفخار |
على بابها المصطفى يبسِمُ |
(*) نظمت أثناء انعقاد القمة العربية في بيروت في 27 3 2002.
(1) المقصود هو سيد المقاومة السيد حسن نصر اللَّه.