يتساءل الإنسان عن سرِّ خلقه وغاية وجوده، تُرى لماذا خلقني ربِّي؟! لكنه لا يفنا وهو في تساؤله عن حركة يريد فيها كماله وتطوُّره لعله يصل إلى السعادة المنشودة، وحركته الدائمة لها منطلق مغروس في جبلِّه كل إنسان وهو عشقه للكمال، هذا العشق الذي يدفع به دائماً إلى الحث عن الكمال المنشود، قد يخطئ مصداق الكمال فيظنه المال أو الجاه أو السلطة ويصل إلى الجميع لكن عطشه المعنوي للكمال يقوي ويشتد فلا المال يرويه ولا الجاه ولا السلطة ولا غيرها مما هو على شاكلتها.
حينها يعرف الحقيقة، حقيقة معشوقة، الكمال الذي لا نقص في ساحته لكنها ليست معرفة حديثة، بل هي قديمة بمبدأ الإنسان، لأنها مغروسة في فطرته، وها هو الآن يكتشف الحقيقة ليعود إليها.
سلام الله على الإمام الخميني الراحل قدس سره الذي أشار إلى هذه الحقيقة في خطابه للمتسائلين عن سرِّ الوجود قائلاً: يا أيها الهائمون في وادي الحيرة، والضائعون في صحاري الضلالات، بل أيها الفراشات الهائمة حول شمعة جمال الجميل المطلق، ويا عشاق الحبيب الخالي من العيوب، والدائم الأزلي، عودوا قليلاً إلى كتاب الفطرة، وتصفَّحوا كتاب ذاتكم؛ لتروا إن الفطرة الإلهية قد كتبت بقلم القدرة، ﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾. فلنعد إلى كتاب الفطرة لنوجِّه أنفسنا نحو الفاطر الكامل، ولْنَسِر على طريق الكمال هذه بدليل واضح هو رسالة الإسلام، فإنها البرنامج الذي يروي عطش العقل ويشبع جوع القلب. وإلى اللقاء...