الدكتورة سوسن زغيب(*)
إن الأطفال حديثي الولادة والرضع معرضون لمشاكل صحية كثيرة تختلف بشكل أو بآخر عن أمراض الأولاد والبالغين. يعود هذا الاختلاف إلى كون الجهاز المناعي لهؤلاء الأطفال ما زال يافعاً تنقصه "الخبرة" و"التجربة". ماذا نعني "بالخبرة" وماذا نعني "بالتجربة"؟ الخبرة أو التجربة كما نعلم هي ما نحصل عليه من خلال ممارستنا اليومية والحياتية للمهن أو الأعمال التي نحترفها.
كذلك الجهاز المناعي لدى الإنسان يحتاج لتأدية أعماله الدفاعية ضد الجراثيم والفيروسات والمواد الغريبة بشكل منتظم ومتواتر لكي يكتسب الخبرة والقدرة والثبات للدفاع عن الجسم من الأمراض المعدية الخبيثة. أيضاً هناك سبب آخر وراء هذا الاختلاف ألا وهو كون هؤلاء الأطفال غير قادرين على التعبير عن مشاكلهم المتنوعة الأسباب سوى بالبكاء عند الانزعاج والسكون والنوم عند المرضى والراحة. إذاً كيف يمكننا أن نميز بين الأسباب المرضية لهذا الانزعاج والأسباب الطبيعية الروتينية كالجوع والعطش وتبلل الحفاض وما شابه؟ سنخوض من خلال هذه السطور بعض المشاكل الصحية التي قد تصيب حديثي الولادة والرضع وكيفية التمييز بين ما هو مرضي وما هو طبيعي.
1- المغص المعوي:
إن المغص المعوي لدى الأطفال الرضع وحديثي الولادة معروف جداً بين العامة ويسهل علينا التعامل معه إن كان السبب هو فعلاً المعدة. لكن في بعض الحالات يكون سبب هذا الألم مشكلة صحية أخطر بقليل كالتهاب الأمعاء أو بكثير كانعقادها. لتمييز الأسباب المرضية لآلام المعدة لدى طفل رضيع يكفي أن نحاول أن نريحه بالطرق الكلاسيكية المعروفة كالتدفئة وإعطاء السوائل الساخنة وشاي الأعشاب. إن لم يتحسن وضعه أو ربما ازداد سوءاً فيفضل عند ذلك استشارة الطبيب للاطمئنان على أقل تقدير. إن ترافق المغص بأعراض أخرى كالإسهال أو الاستفراغ أو الحرارة المرتفعة يمكننا أن نؤكد أن الرضيع يعاني من التهاب معوي ويحتاج إلى تناول المصل الشفوي لتعويض خسارة الماء والأملاح. إن لم يتحسن الطفل خلال 6 12 ساعة بعد بدء تناول المصل الشفوي يستحسن استشارة الطبيب لتقييم وضع الرضيع وعطائه العلاج المناسب. إن ترافق المغص بارتفاع في درجة حرارة الجسم ووجود براز دموي هلامي مثل الجيللو ينصح المبادرة فوراً إلى استشارة الطبيب لاحتمال إصابة الرضيع بانعقاد الأمعاء وقد يحتاج لإجراء صور شعاعية وربما في بعض الأحيان إلى عملية جراحية.
2- الزكام:
الزكام مرض بسيط لا يوجد على وجه الأرض إنسان لم يصب به. كما من المعروف أن هذا المرض يكسب الإنسان الفرصة تلو الأخرى لتحديد وتمتين مناعة جسمه ضد الأمراض المعدية. للأسف لدى الأطفال الرضع وحديثي الولادة الوضع يختلف. إن الزكام ينتج عن الإصابة بفيروس Influenzes virus لكن هؤلاء الأطفال لم يسبق لهم أن تعرفوا على هذا النوع من الجراثيم من قبل. لذا نلاحظ أن الطفل المصاب يعاني من حرارة مرتفعة ووهن عام واضطراب وبكاء مستمر وفقدان الشهية وعدم التمكن من تناول الحليب أن من الثدي أو من الرضاعة على حد سواء. إضافة إلى ذلك قد يعاني هؤلاء الأطفال من ضيق في التنفس وذلك ناتج عن الوسيلة الوحيدة التي يتنفس بواسطتها حديث الولادة بالتحديد وهي الأنف قد تضيق بسبب احتقان الأغشية المخاطية التي تكسوه وتراكم الإفرازات في مجراه. قد يكفي أن نستخدم سائلاً مالحاً معقماً لتنظيف الأنف والاكتفاء بشاي الأعشاب المخصص للأطفال لمعالجة هذه الحالة شرط أن تتم مراقبة الطفل باستمرار لملاحظة أية مضاعفات قد تظهر بشكل مفاجىء تستدعي استشارة الطبيب كالاستفراغ أو الإسهال أو ما شابه.
(*) طبيبة أطفال.