مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

برامج المنار.. إحياءً للشعائر في شهر رمضان

إعداد: محمد دهيني‏/ ايفا علوية ناصر الدين‏


يعتبر حلول شهر رمضان المبارك عند معظم المحطات التلفزيونية فرصة مميزة لاستقطاب المشاهدين من خلال إغناء شاشاتها بالبرامج المتنوعة التي يندرج الكثير منها تحت عناوين اللهو والمحرمات والتي تهدف إلى تشويه صورة إحياء هذا الشهر الكريم وتؤدي إلى خلق أجواء لا تتناسب مع أخلاقياته وفي هذا الإطار تغيب عن هذه المحطات أهمية مراعاة أمور تقتضيها خصوصية شهر رمضان ووجوب العمل على تعظيم شعائره من خلال برامج موجّهة ومسلسلات هادفة تجذب المشاهدين دون أن تنحرف بهم عن روحيته.

إلا انه وفي مقابل هذا التعاطي الذي اعتادت شاشات التلفزة تكراره كل عام كانت هناك تجربة تلفزيون المنار المميزة التي انطلق بها بهدف تعظيم شعائر شهر رمضان المبارك عملاً بقول الله تعالى ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ حيث عمل عبر محطته المحلية والفضائية على مشاركة المشاهدين في إحياء الشهر الكريم من خلال عرض مجموعة من البرامج المخصصة لشهر رمضان ومنها برامج دينية وثقافية مختلفة إضافة إلى مسلسلات ذات طابع ديني مميز. وفي عرض وجيز لهذه البرامج يتبين سعي هذه المحطة التلفزيونية لمشاركة المشاهدين في إحياء أوقات الشهر المبارك بما يتناسب مع روحيته وخصوصيته.


ومن البرامج التي كان لها صدىً إيجابياً عند المشاهدين:
* غريب طوس:

انطلاقاً من أهمية إحياء أمر أئمة أهل البيت عليهم السلام التي يؤكد عليها الحديث الشريف "أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا" وإدراكاً لأهمية التمثيل الروائي في تقريب الفكرة وتركيزها في أذهان الناس جاء هذا المسلسل ليحكي سيرة ثامن أئمة أهل البيت علي بن موسى الرضا عليه السلام ويعرِّف بشخصيته ويعرض لمواقفه القيمة والمؤثرة والتي عايشت مرحلة من أهم مراحل العصر العباسي ويهدف إلى إظهار مجموعة من الحقائق الخاصة بالحياة السياسية للإمام الرضا التي واكبت خلافة المأمون العباسي كتوضيح مسألة ولاية العهد وتبيين أحقية أهل البيت عليهم السلام بالحكم وقيادة المسلمين وإظهار مكانتهم عند الناس وتعلق الناس الشديد بهم. إضافة إلى ذلك فقد تولى هذا المسلسل إبراز كيفية مواجهة الإمام عليه السلام للظلم، وقيادته لمسيرة الحق ضد الباطل في أوجهه المختلفة وعدم قدرة السلطة بالرغم من نفوذها وقدرتها الوقوف أمام الحق الذي يمثّله الإمام الرضا عليه السلام. يتميز هذا المسلسل المدبلج من الإيرانية إلى العربية بأنه أضخم إنتاج تلفزيوني إيراني فقد شاركت في إنتاجه 27 مؤسسة من المؤسسات الكبرى في إيران ويُلاحظ فيه التكلفة المادية الضخمة التي اقتضتها الديكورات المتلائمة مع طبيعة العمران الخاصة بالعصر الذي جرت فيه الأحداث إضافة إلى الملابس الكثيرة الموزعة على الممثلين البارزين وعلى الجماهير التي ظهرت في المشاهد التي ضمّت حشوداً كبيرة من الناس. ويمكن القول انه كان هناك أسباب عديدة أدّت إلى نجاح المسلسل وتفاعل المشاهدين معه.

إلا أن ابرز عامل ساهم في نجاح هذا العمل هو موضوعه فهو يعالج سيرة الإمام الرضا عليه السلام بأسلوب روائي شيّق يشد المشاهد ويدفعه لمتابعة الأحداث، والجدير بالذكر أن هذا المسلسل كان من أبرز برامج المنار حضوراً في شهر رمضان المبارك ومتابعة المشاهدين له تبين مدى تعلق الناس بهذا النوع من المسلسلات ورغبتهم بمعرفة التفاصيل والأحداث التي واكبت حياة الأئمة عليهم السلام، ومسلسل "غريب طوس" جاء ليقدم لهم سيرة الإمام الرضا عليه السلام في عمل تلفزيوني متميز ذي إنتاج ضخم للمخرج وكاتب النص مهدي فخيم زاده وهو من المخرجين البارزين في إيران بمشاركة عدد كبير من الممثلين بلغ 133 ممثلاً إضافة إلى مئات الممثلين وفريق فني ضمّ 127 فرداً وكل هذه العوامل أدت إلى نجاح المسلسل وحصوله على إعجاب المشاهدين الذين لاحظوا دقة الدبلجة التي أظهرت المسلسل وكأنه باللغة العربية أصلاً.

وإضافة إلى نجاح المسلسل وحصوله على إعجاب المشاهدين ظهور شخصية الإمام الرضا عليه السلام بصورة لم يعتادوا عليها من قبل فقد شاهدوا الجسم المبارك مع هالة نورانية تغطي الوجه الكريم وهذا ما دفع الكثيرين منهم للتساؤل: أليس هناك من مشكلة في ظهور جسم الإمام عليه السلام؟ وإذا لم يكن هناك أي مشكلة فلماذا لم يظهر الوجه بصورة وجه الممثل؟
 هذه الأسئلة أجاب عنها مدير مكتب الوكيل الشرعي العام للإمام الخامنئي دام ظله سماحة الشيخ محمد المقداد فقال:


"مما لا شك فيه أن للأنبياء والأئمة عليهم السلام قداسة ومكانة متميزة عند الله عز وجل بسبب عصمتهم ونورانيِّتهم التي جعلت منهم أنواراً مشعة في تاريخ البشرية والمسيرة الإنسانية، وبما أنهم كذلك فمن الضروري جداً من وجهة نظر الإسلام الحفاظ على قدسية وحرمة أولئك العظام حتى تبقى صورتهم في عقول وقلوب الناس صافية نقية. ولهذا السبب لا يجوز إظهار وجوههم في أي عمل فني، لأن في ذلك إنقاصاً لمنزلتهم ولمكانتهم عند الناس، إذ انه لا يمكن أن نقيس المعصوم بغيره، ولا يمكن لغير المعصوم أن يتقمص شخصية المعصوم لوجود الفوارق الكبيرة جداً بين النوعين. أما بلحاظ الجسد من دون الرأس فلا مانع شرعاً منه، لأن الأبدان من الناحية التكوينية لا تختلف كثيراً بين المعصوم وغيره، بينما الوجه هو الذي يحدد ملامح الشخص ويميزه عن غيره، ولذا فلا مانع من إظهار وجه المعصوم بشكل هالة من "النور" كما حدث في البرنامج التلفزيوني "غريب طوس" لأن هالة النور هذه تعطي الهيبة والوقار وتزرع بنفس المشاهد قوة شخص الإمام المعصوم عليهم السلام ولو من خلال الذي يمثل الشخصية ولو ظهر باقي الجسد. ومن هنا فليس هناك من إشكال شرعي فيما هو المهم في المسألة طالما أن شخصية المعصوم عليه السلام وهو الإمام الرضا عليه السلام في المسلسل بقيت مصانة ومحفوظة، وبقيت مكانتها مرتكزة في القلوب، إن لم نقل بأن هالة النور قد أعطت بعداً غيبياً لشخص الإمام عليه السلام في نظر المشاهدين".

*****

* عز الدين القسام:
كان الهدف من هذا الإنتاج الذي قام به تلفزيون المنار تعظيم شعيرة الجهاد في سبيل الله من خلال سرد قصة المقاوم عز الدين القسام وجهاده ضد الاحتلال الفرنسي والانكليزي في سوريا وفلسطين إضافة لإضاءات حول دوره الإنساني في تقديم المساعدات وقيادته للمجاهدين في مواجهة الاحتلال وقد جاء هذا المسلسل الدرامي ليشير إلى أهمية الجهاد والوقوف في وجه الظلم والاستبداد وعدم الرضوخ له ومقاتلة كل عدو للإنسانية وخصوصاً العدو الصهيوني واحتلاله الغاصب لحقوق شعب الانتفاضة في فلسطين.

*****

أما البرامج الدينية الخاصة بشهر رمضان والتي هدفت إلى مشاركة المشاهدين في إحياء أوقات الشهر المبارك فقد كان لها الجزء المهم من برامج المنار وكان أبرزها:
* الأمسيات القرآنية:

إن عرض الأمسيات القرآنية التي تقام في لبنان من قبل الوحدة الثقافية وجمعية القران الكريم كان خطوة مهمة للتركيز على الأجواء القرآنية في شهر رمضان والتأكيد على إحياء أوقات هذا الشهر الكريم بالعبادات وعدم تضييع هذه الأوقات في أمور التسلية الفارغة أو في متابعة جلسات اللهو والمحرمات التي تنقلها بعض المحطات التلفزيونية للمشاهدين تحت عنوان الجلسات الرمضانية التي تقام في الخيم الرمضانية والتي تضج بالمنكر والفساد ولا تهدف إلا لتشويه مفهوم إحياء شهر الله الأعظم. لقد خصص المنار لهذه الأمسيات التي استضافت كبار مقرئي القران وبعض حافظيه والتي شهدت حضوراً فاعلاً ومميزاً تغطية مباشرة وفّرت للمشاهدين المشاركة في هذه الجلسات الدينية العابقة بالأجواء القرآنية العطرة. هذا وقد تضمنت مشاركة المنار للمشاهدين في إحياء شهر رمضان نقل إحياء ليالي القدر إضافة الى عرض يومي للأدعية الخاصة كدعاء الافتتاح ودعاء اليوم وأدعية السحر وغيرها وهذا كله يعمل على إغناء روحية هذا الشهر المبارك على تلك الشاشة الصغيرة.

* في ضيافة الله:
أطلّ فيه سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله على المشاهدين في وقفة روحانية تخاطب الوجدان حول أخلاقيات العبادة وآداب العلاقة مع الله بأسلوب واعظ وكلمات هادئة فيها دعوة إلى العودة إلى الله عز وجل والتقرب منه وتصفية النفس والسير بها في طريق الفوز والنجاة. وقد استمدت حلقات هذا البرنامج رونقاً خاصاً من شخصية سماحة السيد المحببة لدى جمهور المشاهدين.

* فقه الإسلام:
استمر عرض هذا البرنامج الفقهي الذي يعرض للأحكام الشرعية بطريقة تسمح للمشاهدين طرح الأسئلة على الهواء مباشرة حيث يتولى سماحة الشيخ أكرم بركات الإجابة على تساؤلاتهم وتوضيح الأحكام بشكل بعيد عن أي تعقيد وقد خصصّ حلقات البرنامج في شهر رمضان للحديث عن الصوم وأحكامه وعن الأمور التي هي موضع ابتلاء الصائمين واللافت فيه هو إدخال العنصر التمثيلي الذي يحاول عرض هذه الابتلاءات والمشاكل في مقطع تمثيلي من واقع الحياة اليومية مما أعطى حيوية خاصة تضاف إلى أسلوب الحوار والمناقشة التي تتم مع سماحة الشيخ.

* المحاضرات الدينية:
سعى تلفزيون المنار من خلالها للتوجه إلى المشاهدين بالموعظة الحسنة عبر علماء ومفكرين من العالمين العربي والإسلامي في محاضرات يتم فيها طرح مجموعة مفاهيم رمضانية وأخلاقية تتعلق بآداب الصوم وأخلاق الصائم وقد تمّ تسجيل محاضرات من عدد من الدول العربية والإسلامية مثل إيران، سوريا، الأردن، مصر، فلسطين والمغرب.

* المقامات الدينية في العراق:
تميّز هذا البرنامج التسجيلي الذي يعرّف بشكل موثق لأبرز المقامات الدينية في العراق بإخراجه المميز وتصوير فني للمقامات مع تعليق أدبي متمكن فجاءت هذه العناصر مجتمعة لتقدم في كل مرة حلقة شاملة تتضمن معلومات غنية عن المقامات الموجودة والتعريف بأصحابها إضافة إلى الحديث عن تاريخ المناطق ومنها كربلاء، النجف الأشرف، الكاظمية وسامراء.

*****

أما في إطار البرامج المتنوعة التي لم تخرج عن دائرة إحياء شهر رمضان المبارك فقد كان في جعبة المنار:

* فقرات خاصة ضمن برنامج لبنان والعالم تختص بالشهر الكريم منها سلسلة يومية عن المؤسسات الخيرية الناشطة في شهر رمضان إضافة إلى تقارير من بلدان العالم الإسلامي تتحدث عن الاستعدادات لاستقبال شهر رمضان وتحقيقات تُصوّر الحياة اليومية في رمضان في تلك البلدان وقد تم إعداد حلقات عن فلسطين، سوريا، المغرب، البوسنة السويد وتركيا.

* فقرات أيضاً ضمن لبنان والعالم تسلط الضوء على فئات من الناس تعاني من مشاكل فتعرض من خلال مقابلات لتلك المشاكل ثم تُقدِّم رؤية عن الحلول المتوفرة ومن هذه الفئات الأطفال العاملين والكبار العجَّز الذين يعانون من ألم الوحدة.

* بالإضافة إلى ذلك وكما في كل سنة فقد أطلق المنار مسابقة شهر رمضان التي اتخذت طابع الثقافة الترفيهية الموجّهة وفيها مسابقتان تتضمن الأولى أسئلة ثقافية علمية جهادية إسلامية منوعة تُقدّم يومياً منحة قيّمة عبارة عن رحلة حج إلى بيت الله الحرام. والجدير بالذكر أن بعض أسئلة هذه المسابقة أزعج العدو الإسرائيلي حينما عرض تقريراً على تلفازه ينتقد سؤالاً عن عدد الأسرى الإسرائيليين الذين أسرتهم المقاومة الإسلامية في لبنان. وقد كان هناك أيضاً مسابقة أخرى على مدار الشهر تضمنت ثلاثين سؤالاً قرآنياً وثقافياً.

* برامج الأطفال:
أما حصة الأطفال في شهر رمضان فقد كانت مليئة بالبرامج والفقرات الأخلاقية التوجيهية حيث استفاد المنار من شخصيات الدمى المحببة عند الأطفال كالحسون وغيرها والتي يسود بينها جو من الألفة لتوجيه الأطفال من خلال عرض مواقف حياتية اجتماعية أخلاقية من واقع حياة الصغار إضافة إلى قصص وحكايات الأنبياء المرويّة بأسلوب جذاب.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع