السيد سامي خضرا
النوم حاجة طبيعية وضرورية لكل إنسان، لا يستغنى عنه، ومن آثاره التربوية أنَّه يُذكِّر بالموت والآخرة وقرب اللقاء، وفي النص الشريف عن مولانا رسول اللّه صلى الله عليه وآله "النوم أخو الموت".
وله آداب، منها:
كراهية كثرة النوم، وذلك حتى لا يضيع العمر بالبطالة وحبِّ الدَّعة، فيخسر الآخرة والدنيا. رُوي عن مولانا الصادق عليه السلام "كثرة النوم مُذُهبة للدين والدنيا" فكثرته مَضْيعة للوقت وتفريط بالفرص الثمينة والعمل الصالح وأفعال الخير كما نُقل عن أم سليمان بن داود أنَّها قالت له: "إياك وكثرة النوم بالليل، فإنَّ كثرة النَّوم تدع الرجل فقيراً يوم القيامة". وفي نصٍ آخر أنها قالت له عليه السلام: "يا بني إياك والنَّوم فإنَّه يُفقرك يوم يحتاج النَّاس إلى أعمالهم". وفي الخطبة الحادية والأربعين بعد المائتين في نهج البلاغة: "ما أنقض النوم لعزائم اليوم".
الوضوء قبل النوم، سُنَّة شريفة ينبغي الإلتزام بها، وهكذا كان الصالحون والمراقبون(1) "فإذا نام على الطهارة رُفع بروحه إلى العرش"، وعن مولانا ومقتدانا الصادق عليه السلام: "مَنْ تطهر، ثم آوى إلى فراشه، بات وفراشه كمسجده". ذِكْرُ اللّه جل جلاله بالمسنون من قراءة المعوذتين وتسبيح مولاتنا الزهراء سلام اللّه عليها، مسلك أرباب القلوب الصافية والسالكون. مَنْ لم يجد ماءً للوضوء يُسَنُّ له التيمم، وهذا دليل أهمية الكون على طهارة عند النوم. بل حتى مع وجود الماء، لو آوى إلى فراشه فتذكر أنه ليس على وضوء، جاز له التيمُّم. وفي النصِّ عن مولانا رسول اللّه صلى الله عليه وآله: "إذا نام العبد على طهارة، عُرج بروحه إلى العرش، وكانت رؤياه صادقة، وإن لم ينم على طهارة، قصرت روحه عن البلوغ، فتلك المنامات أضغاث أحلام لا تصْدق".
من الأدب عرض النفس على الخلاء قبل النوم (2)، ومنافع ذلك مُطوَّلٌ في الكتب وعند الأطباء... وهذا ما سنَّه الإسلام. ورد عن مولانا علي أمير المؤمنين عليه السلام وهو يوصي ابنه الحسن عليه السلام: "يا بُني ألا أُعلِّمك أربع خصال، تستغني بها عن الطب؟ فقال الحسن عليه السلام: بلى يا أمير المؤمنين. فقال عليٌ عليه السلام: لا تجلس على الطعام، إلاّ وأنت جائع، ولا تقم عن الطعام إلاّ وأنت تشتهيه، وجوِّد المضغ، وإذا نمت، فاعرض نفسك على الخلاء، فإذا استعملت هذه، استغنيت عن الطب".
محاسبة النفس، "إذا آويتَ إلى فراشك، فانظر ما كسبت في يومك، واذكر أنك ميِّت، وأن لك معاداً".
ويُستحب النوم مستقبل القبلة، على هيئة الميتِ في قبره. يُستحب النوم على الجانب الأيمن، مستقبلاً للقبلة الشريفة بوجهه، كما في وصف أمير المؤمنين للمؤمن "ينام على يمينه، مستقبل القبلة...". توسُّد يمناه، أي جعلُ خدِّه الأيمن على باطن يُمناه، وإلى ذلك أشار أمير المؤمنين عليه السلام"... افترشت أرضها، وتوسَّدت كفّها...". وفي صحيحة محمد بن مسلم أنَّ الإمام محمد الباقر عليه السلام قال له: "إذا توسَّد الرجل بيمينه فلَيقُل: بسم اللّه الرحمن الرحيم، اللّهم إنِّي أسلمتُ نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوَّضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، وتوكلت عليك، رهبة منك ورغبة، لا ملجأ ولا منجا منك إلاّ إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبرسولك الذي أرسلت، ثم يسبِّح تسبيح الزهراء عليها السلام".
عدم المبالغة في تكلُّف الفراش ووسائل الراحة، علَّ ذلك يُساعده على القيام للتهجد والتعبُّد وقت السحر، وهكذا كان السلف الصالح من علمائنا الأعلام، رضوان اللّه عليهم. وفي نهج البلاغة "طوبى لنفس أدَّت إلى ربِّها فرضها، وعركت بجنبها، بُؤسها، وهجرت في الليل غمْضها حتى إذا غلب الكرى عليها، إفترشت أرضها، وتوسّدت كفّها، في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبُهم...".
(1) المراقبون من المراقبة وهو مصطلح أخلاقي سلوكي يعني مراقبة النفس.
(2) الدخول إلى المرحاض لقضاء حاجته في التخلُّص من الفضلات، بولاً أو غائطاً.