"إن للصلاة بل لجميع العبادات غير هذه الصورة وهذا المجاز؛ لباطناً ولباً وحقيقة، وهذا معلوم من طريق العقل، وله شواهد كثيرة من طريق النقل...".
* الصلوات مقامات:
"إن براق سير أهل المعرفة، ورفرف عروجهم "الصلاة" ولكل واحد من أهل السير والسلوك إلى اللَّه صلاة مختصة به، وله من صلاته حظ ونصيب على حسب مقامه، كما أن غيرها من المناسك كالصوم والحج، هو كذلك، وإن لم تكن جامعيّته كالصلاة (الطرق إلى اللَّه بعدد أنفاس الخلائق)، وليس لغيرهم (أهل المعرفة) الذين لم يصلوا إلى ذلك المقام حظ من صلاتهم...".
* موانع العروج وإنكار المقامات:
"... إن صاحب كل مقام ونشأة (معنوية) إن لم يترجّل من مركب العصبية والأنانية، يرى غير الذي هو متحقّق به من بقية المقامات باطلاً وحشواً. كما إن من لم يصل إلى المراتب والمقامات الإنسانية ولم يخرج من حجاب الأنانية ينكرها أيضاً، ويحسب معارج أهل المعرفة ومدارجهم تافهة، وهذا من أكبر عوائق السير إلى اللَّه تعالى، وأعظم موانع الارتقاءات الروحية والمقامات الروحانية".
* حضور القلب وثناء المعبود:
"لا يوجد عبادة من العبادات بحسب السر والحقيقة خالية عن مرتبة من ثناء المعبود. فبناء على هذا تكون أول مرتبة لحضور القلب في باب العبادات حضور القلب في العبادة إجمالاً وهي ميسورة لكل إنسان. وحضور القلب في العبادة هو أن يُفْهِمَ الإنسانُ قلبَهُ أنَّ باب العبادات باب ثناء المعبود، ويوجه قلبه من أول العبادة إلى آخرها إلى هذا المعنى إجمالاً... المرتبة الثانية من حضور القلب تفصيلاً: وهو أن يكون قلب العابد في جميع العبادة حاضراً وعالماً بماذا يصف الحق وكيف يناجيه وله مراتب ومقامات... حسب تفاوت مقامات القلوب ومعارف العابدين...".
* كيفية تحصيل حضور القلب:
"إن منشأ حضور القلب في أي عمل... وسبب اقبال النفس عليه... أن يتلقى القلب ذلك العمل بالعظمة، ويعدّه من المهمّات... مثال ذلك: إذا أجاز لك السلطان حضورك في محفل أنسه العظيم... فحيث أن هذا المقام عظيم في قلبك... فلهذا يحضر قلبك بتمامه في ذلك المحضر... ومن هنا يعلم السبب في عدم حضور قلوبنا في العبادات وغفلتها عنها فنحن لو أهمّتنا المناجاة للحق تعالى... لما حصل هذا القدر من النسيان والغفلة والسهو. ومن المعلوم جداً أن هذا التساهل والتسامح ناشئ من ضعف الإيمان باللَّه تعالى وبالرسول وبأخبار أهل بيت العصمة... إن الإنسان إذا لم يتلقّ أمراً بالأهمية والعظمة فينجر الأمر بالتدريج إلى تركه، وترك الأعمال الدينية، يوصل الإنسان إلى ترك الدين...".
* ما يعين على حضور القلب:
"... أن يقوم الإنسان بقطع الشواغل الداخلية والخارجية التي أهمها الشواغل القلبية، والسبب العمدة للشواغل القلبية منحصر في حب الدنيا وهمها... فعلى الإنسان أن يقلل عند العبادة من اشتغالات القلب وخواطره، ويخصص وقتاً للعبادة تكون شواغله فيه قليلة، ويكون القلب في ذلك الوقت أكثر اطمئناناً... وبعد أن يقلل الشواغل القلبية فلا بد له أن يقلّل الشواغل الخارجية... كالنهي عن الالتفات إلى الأطراف واللعب بالأصابع واللحية وفرقعة الأصابع ومدافعة الأخبثين... ومدافعة النوم والنظر إلى نقش الخاتم وإلى المُصحف والكتاب والاستماع للكلام الخارجي وحديث النفس...".
* أسرار الطهارة
"... طهارة أهل الإيمان: تطهير الظاهر من أرجاس المعاصي ومن اطلاق الشهوة والغضب. وطهارة أهل الباطن: التنزيه عن القذارات المعنوية والتطهير عن كثافة الأخلاق الذميمة. وطهارة أصحاب الحقيقة: التنزيه عن الخواطر والوساوس الشيطانية والتطهير عن أرجاس الأفكار والآراء الضالة المضلّة...". "أنت أيها الشفيق العرفاني... مدّ يدك اليمنى (في وضوئك) إلى رحمة الحق... فإن الحق لا يرد الفقراء إلى اللَّه صفر الأيدي... فخذ من ذلك الماء ماء الرحمة واغسل به وجهك المتلوّث بالدنيا بل بما سوى اللَّه، فإنه لا يمكن النظر إلى عظمة الحق تعالى بتلك القذارات... ثم اغسل يديك من مرافق رؤية الحول والقوة إلى أصابع رؤية... الأنانية فلا حول ولا قوة إلا باللَّه... وامسح رأسك وضع عن رأسك العلوّ والعظمة والتكبّر... وأخرج من رأسك الغير والغيرية... وطهِّر رجل التردّد في شؤون الكثرة... وضع رأسك تحت قدمك كي تليق أن تطأ بساط العظمة".
* سر ستر العورة:
"... وكما أن الحق تعالى ستَّار لعيوب عباده كذلك يحب الستّارين، ويكره هتك الستور، فالسالك إلى اللَّه ستَّار عيوب عباد اللَّه... وإن مسافر طرق الآخرة تشغله المطالعة في عيوب نفسه وعوراته عن عيوب غيره...".