مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مخاطر النفايات كيف نساهم في التخلص منها؟

سلوى صعب‏


تراكم النفايات مشكلة كبيرة وخطيرة يعاني منها كوكبنا وقد يأسف البعض منا عند السماع بالمخاطر التي تسببها هذه المشكلة وقد يلقي باللوم على الحكومات والمؤسسات الدولية لعدم إيجادها حتى الآن حلاً جذرياً لها، ولكن لو بحثنا عن أصل هذه المشكلة لوجدنا أنفسنا نحن السبب في خلقها... كيف؟

هذه المقالة تحاول أولاً تسليط الضوء على دورنا كأفراد في خلق مشكلة من المشكلات المهمة في عالمنا المعاصر، مشكلة تهدد الحياة على كوكبنا الذي نتغنى بجماله صبحاً ومساءً...، ثم تحاول استعراض الحلول العملية لها(*). التسوق هواية عزيزة على قلوب أكثرنا وهذه الهواية في كثير من الأحيان تخرج عن إطار الضروريات لتطال أي شي‏ء يقع عليه ناظرنا، لا سيما مع موجة الإعلانات الشائكة التي لا تنفك تضرب على وتر مشاعرنا وحواسنا على مدار الساعة. يومياً تقودنا أقدامنا إلى المحال التجارية على تنوعها ومن أصغرها حجماً أو قيمة إلى أكبرها وأغلاها... والمشكلة أن الأمر لا يقتصر فقط على الأغنياء والميسورين بل حتى أنه أصاب الفقراء أو ذوي الدخل المحدود إذ كثرت في الآونة الأخيرة المحال التي تبيع أغراضنا بأسعار زهيدة والتي تتصدر لوحاتها عبارات من مثل "بس بدولار" أو "بس بـ 500ل.ل." فالكل قادر على الشراء وبالتالي الكل يخلّف بعد الشراء كماً هائلاً من الحاجيات التي لا حاجة فعلية لها فيصبح مصيرها ومكانها الأنسب مستوعبات النفايات عندما تضيق بها مطارحنا.

* مخاطر النفايات‏
قبل أن ندخل في الحلول العملية لهذه المشكلة نقدم إشارة سريعة إلى مخاطر هذه النفايات. تسبب النفايات مجموعة من المخاطر فهي تلوِّث المياه الجوفية والسطحية وتلوِّث الهواء والتربة كما تسبب تكاثر الحشرات والقوارض وبالنتيجة تساهم في انتشار الأمراض والروائح الكريهة هذا عدا استهلاكها للموارد الطبيعية. والنفايات على أنواعها تحتاج إلى وقت طويل لتزول وتتحلل في الطبيعة فالورق يحتاج إلى ثلاثة أشهر والألمنيوم إلى 350 سنة والنايلون والبلاستيك يحتاج إلى أكثر من 400 سنة أما الزجاج فلا يختفي ويتحلل قبل أكثر من ألف سنة وإذا ما تخيلنا حجم ما نرميه من هذه المواد يومياً وعلى مدار حياتنا تصبح الصورة مرعبة.

* ما هو الحل؟
نحن كمستهلكين نشكل مصدراً مهماً لانتاج النفايات، إذاً نحن معنيون أساسيون بوضع حد لهذه المشكلة. هناك عدة طرق بسيطة وغير معقدة ولا تتطلب جهداً كبيراً حتى أن منفعتها لا تنحصر فقط في المحافظة على البيئة بل أنها تحافظ أيضاً على ما في جيوبنا من مال. ولا يقول قائل إنني كفرد، كنقطة في بحر هذا العالم لن يكون تأثيري فاعلاً، بل إن الأفراد بالإرادة والتصميم والتكاتف يستطيعون تحقيق أعظم النتائج. هناك طرق عديدة للحد من تراكم النفايات تتلخص في أربع طرق عملية تبدأ من اللحظة الأولى لقرار شراء أي من الحاجيات.

1- التخفيض أو التقليص من كمية النفايات: ويتحصّل ذلك من خلال سياسة ترشيد الإنفاق بمعنى عدم شراء ما لا يلزم، فكثير من مشترياتنا لا تحكمها حاجتنا الفعلية لها بل في أحيان كثيرة تحكمها نزواتنا الشرائية. فقبل الانبهار بما تقع عليه أنظارنا لنقف لحظات ونفكر بمدى حاجتنا لهذا الصنف أو ذاك ولنفكر بالمبلغ الذي سندفعه ثمناً لذلك، ولنحرص أن لا نقع في شرك إقناع أنفسنا بأن الضرورة دائماً موجودة، وإذا لم نحتج إليه اليوم سنحتاجه غداً وكأنه فرصة لا تعوّض فقد يأتي الغد بصنف آخر أكثر إبهاراً... ومن السبل الأخرى لعملية تقليص النفايات عدة طرق: الاستغناء عن شراء الأصناف المعلبة باستبدالها بأصناف طازجة أو مجففة منزلياً، أو شراء المواد الموجودة في عبوات كبيرة بدل شراء عدة عبوات صغيرة أو عند استعمال الورق للكتابة استخدام وجهي الورقة في هذه العملية وكذلك استخدام كيس قماش أو سلة لحمل المشتريات بدل أكياس النايلون، أو لشراء الأغراض ذات الأغلفة الأقل أو بشراء المنتجات الأقل ضرراً بالبيئة والتي يمكن التعامل بسهولة مع نفاياتها...

2- إعادة الاستعمال: ويعني ذلك إعادة استخدام المخلفات قبل رميها للغرض نفسه الذي اشتريت من أجله أو لأغراض أخرى بحالتها الأساسية أو بعد إجراء إضافات أو تعديلات عليها أو بإعطائها إلى من بإمكانه الاستفادة منها أكثر منا فالكثير من المنتجات تُوضع في علب من البلاستيك أو المعدن وهذه العلب يمكن إعادة استعمالها بوضع أصناف أخرى فيها كذلك يمكن استخدام الأكواب والصحون الزجاجية بدل الكرتونية أو البلاستيكية التي ترمى بعد استعمالها حتى لو تطلب الأمر جهداً قليلاً لغسل الأولى، وكذلك بالنسبة إلى الملابس والأحذية القديمة فيمكن إعطاؤها إلى من يحتاج إليها بدلاً من رميها في مستوعبات النفايات... فنفايات شخص قد تكون كنز شخص آخر.

3- التدوير: ويعني هذا المفهوم إعادة تصنيع المواد لانتاج مواد جديدة ودورنا هنا كأفراد ومستهلكين المساهمة في تسهيل هذه العملية التي هي من مهمة المصانع والشركات ومساهمتنا تنحصر بعدة أساليب منها شراء الأصناف التي يمكن بسهولة تدوير مخلفاتها والمواد التي يمكن تدويرها هي: المعادن، الورق، الزيوت على أنواعها والبلاستيك مع تفاوت بالكلفة المادية لعملية تدوير كل منها الأمر الذي يتطلب حسن الاختيار عند الشراء. والمساهمة في التدوير تتطلب في البداية عملية فرز للنفايات تبدأ من المنزل وذلك بفصل النفايات العضوية كبقايا الطعام ومخلفات الحدائق والكرتون والورق عن النفايات غير العضوية كالزجاج والبلاستيك والألمنيوم. فيوضع كل صنف على حدة. والفائدة الكبيرة من طريقة التدوير تكمن في توفير الموارد الموجودة في الطبيعة فعلى سبيل المثال تدوير الورق يمنع قطع أشجار جديدة وبالتالي يوفر لنا بيئة صحية نقية الهواء.

4- التسبيخ: أو التخمير وهذه خاصة بالنفايات العضوية وهي طريقة توفر سماداً طبيعياً يزيد من خصوبة الأرض ويجعلها صالحة للزراعة، وهي لا تحتاج إلى كلفة كبيرة كغيرها من الطرق إذ يمكن أن يقوم بها الأفراد أنفسهم فإذا كنت تملك حديقة أو تعيش بالقرب من أرض يمكن استصلاحها يمكنك تخصيص مستوعب يمكن تغطيته، يركن في مكان بعيد عن المنزل، توضع فيه بقايا الطعام على شكل طبقات تفصل بينها طبقات من التراب وتترك عدة أسابيع حتى تتحلل وتتحول إلى سماد طبيعي يغذي الأرض من حولك. وأخيراً ما نملكه على هذه الأرض من ثروات طبيعية وما سخَّره اللَّه تعالى من بيئة سليمة للحياة هو نعمة كبيرة مسؤوليتنا المحافظة عليها لأبنائنا وللأجيال القادمة فكلنا مستهلكون وكلنا ينتج نفايات فإذاً كلنا مسؤول عن الحل أمام خالقنا وخالق هذه الثروات...

(*) التشكر لجمعية أصدقاء البيئة في حزب اللَّه لتزويدنا بالمعلومات.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع