مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

دعائم البيت الإسلامي‏

نلا الزين‏


البيت الإسلامي هو قوام المجتمع الإسلامي، ويحتل مكاناً معتبراً في اهتمام الشريعة والمفاهيم والقيم الإسلامية، انطلاقاً من أهميته في تخريج الأفراد الذين يحملون الإسلام ديناً، والقرآن كتاباً، ونهج حياة والتزام، وكل عضو في هذا البيت يمثل الشريان لجسم العائلة الإسلامية التي تكافح في معترك الحياة، لذا نجد الإسلام في تعاليمه ورسالته قد حصَّن هذا البيت ليكون قاعدة للاجتماع الإسلامي قائمة على أقوى الروابط. نطل في هذه الصفحات على نشأة البيت الإسلامي وتبلوره اجتماعياً، والعلاقات التي تربط المجتمعين تحت سقفه والدعائم التي يرتكز عليها والتي تكفل له الاستقرار والأمان.


* النشأة والبداية:
البيت أو العائلة ثمرة زواج شرعي بين الرجل والمرأة، نشأ عن هذا الارتباط بيت وعائلة مكونة من الطرفين الأساسيين هما الزوج والزوجة، وبعد ذلك الأولاد، على اختلاف أعدادهم ونوعيتهم، هناك بيوت حافظت على ترابطها أكثر وفقاً للمنظومة الإسلامية، حين بقي الأب والأم في هذا البيت وهذه الأسرة حتى بعد زواج أولادهم. فانضم إلى العائلة الجد والجدة وبعد ذلك الأحفاد، وهناك عائلات بقيت روحية الارتباط والصلة موجودة حتى لو تعددت البيوت التي تجمعهم.

أفراد البيت الإسلامي:
* الجد والجدة: يقول اللَّه تعالى ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (الإسراء: 23) نلاحظ هنا أن السبب الحقيقي لوجود الإنسان هو عبادة اللَّه تعالى، مع ذكر بر الوالدين إلى جانب عبادة اللَّه تعالى، باعتبار أنَّ الأبوين هما السبب الظاهري لحفظ النسل. والآيات في هذا الصدد كثيرة منها: ﴿... إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (الإسراء: 23).

* العلاقة بالجد والجدة، هي علاقة اعتراف بالجميل، وإلفة وتجربة معمقة بالحياة، ترسخت على ضوء الإسلام ليتعامل الآباء والأحفاد معهما على قاعدة المودَّة والرحمة والاحترام فوجودهما في البيت مبارك وضروري، وهي علاقة متبادلة، فعلى الأجداد أيضاً أن يعاملوا أبناءهم وأحفادهم بطريقة تعمق الحاجة لوجودهم وإرشاداتهم بكل محبة وتفاعل، وكذلك الأبناء والأحفاد تقع على عاتقهم مسؤولية رعاية الجد والجدة (الأب والأم) مادياً ومعنوياً ومشاركتهم في الرأي لتقرَّ عيونهما وتهنأ حياتهما.

* الأبناء: هم ثمرة حياة زوجية مشتركة بين طرفين الرجل والمرأة، بهم تعمر الحياة ويحفظ النسل البشري، فمع توافدهم إلى العائلة يفرح الآباء والأمهات والأقرباء لإنضمام عناصر جديدة وأفراد يحملون صفة هذه العائلة أو تلك ومع الأيام يكبر الأبناء ليصبحوا آباءً وأمهات وبدورهم يقدّمون للمجتمع الذي يعيشون فيه ولعائلتهم أطفالاً لتكتمل فرحة الأب والأم والجد والجدة. والأبناء عليهم مسؤولية تجاه آبائهم وأبنائهم الجدد.

* الأحفاد: هم فرحة العائلة كلها، لهم نكهة مختلفة عن غيرها وهم المدلَّلون عند أجدادهم وآبائهم معاً، وهم الذين يأخذون مصروفهم وهداياهم من كافة الأطراف ويلجأون إلى حضن أجدادهم وآبائهم ليسمعوا الحكايات ويطرحوا أسئلة الطفولة وحب المعرفة والتعرف على الأشياء من حولهم.

* دعائم البيت الإسلامي:
بما أنَّ العائلة لها الدور الكبير في التربية والاستقرار وبناء الجيل الجديد على القيم والأخلاق، فإنَّ البيت الذي يظلِّله الإسلام وتعاليمه وشريعته يتخذ من هذه العناوين ركائز وبنى تحتية تحصِّنه من أي هزَّة خارجية أو موجة عاصفة تهدد استقراره، لقد فقد مفهوم البيت والعائلة الدور الأساسي كمؤسسة اجتماعية في العديد من البلدان والمجتمعات، وحتى في بعض مجتمعاتنا العربية والإسلامية. والحديث عن دعائم البيت الإسلامي يستدعي التطرق لعدة أمور منها:

تحصين البيت: أي أن يكون لهذا البيت خصوصيته التربوية والاجتماعية وغيرها لكي لا يكون عرضه للقال والقيل والتدخل الخارجي غير المناسب للقيم والالفة بين أفراد هذا البيت وهذا السور يُرفع كلما تواجد الوعي والإيمان عند الأجداد والأبناء والأحفاد، فعند حصول أي مشكلة أو موجة أتت لا بُدَّ من استحضار تعاليم اللَّه تعالى والمفاهيم الإسلامية التي تشكل الحكم في كافة الأمور. الحفاظ على الأحكام الشرعية: إنَّ الأحكام الشرعية تشكل الحصن المتين لأي بيت يلتزم بها، والحرص على تطبيقها يبدأ من الكبار ويؤثر بالصغار المقتدين بهم.

* من هذه الأحكام الضرورية والمفاهيم الإسلامية:
الصلاة: إقامة الصلاة في البيت يعطي القدوة لمن في هذه العائلة على صعيد الوقوف بين يدي الباري تعالى في الوقت المحدد لإقامة هذه الفريضة وبالشروط الصحيحة من حيث الوضوء واللباس والمكان والأحكام الخاصة بها. والصلاة كما ذكر اللَّه تعالى في كتابه المبين: ﴿تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وكما جاء في الحديث: "الصلاة عمود الدين إن قبلت قبل ما سواها وإن ردَّت رُدّ ما سواها". فمن الجميل أن يخصَّص في البيت مكان للصلاة نحافظ على قدسيته وطهارته وترتيبه والعطر الذي يجذب أهل البيت إليه، لنشعر بأهمية هذه الطاعة العبادية.

الصيام: وهو من الفرائض التي ينبغي للعائلة الإسلامية أن تحافظ عليها وأن يصبح الصوم على مدار العام بشكل متقطع ولو في الشهر مرة كما يقال وليس فقط في شهر رمضان وأن يتميز البيت الإسلامي بهذه الفريضة ومقدماتها وشروطها.

تلاوة القرآن: البعض يعتبر أن تلاوة القرآن مسألة مستحبة وليست واجبة إلاَّ في شهر رمضان مثلاً، وهذا خطأ شائع فالقرآن كتاب اللَّه ينبغي أن نتدبره كل يوم لذا فالعائلة الإسلامية التي تعيش في بيت تحكمه قيم دينية وعبادية إسلامية لا بدَّ من وضع القرآن في سلم اهتماماتها. وينبغي مشاركة أفراد البيوت الإسلامية بالتلاوة الجماعية والحفظ الجماعي ومشاركة الأجداد والأبناء والأحفاد في سهرات قرآنية داخل البيت وتفسير بعض الآيات والتعرف على أسرارها وعظمتها والاستماع للقرآن، حتى يكون البيت مثالاً للتمسك بكتاب اللَّه سبحانه تعالى ولا نصبح كالذين هجروا القرآن إلاَّ من على رفوف المكتبات.

* الطهارة والنظافة:
إنَّ الإسلام حثَّ على التطهر والطهارة وامتدح الذين يتطهرون، والطهارة لها شكلها الخارجي الظاهري وشكلها الباطني المعنوي، المطلوب الحفاظ على طهارة المنزل والجسد والثياب قدر الاستطاعة، وفي الحديث أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه نجاسة. أما على صعيد النظافة: فقد جاء في الحديث: "النظافة من الإيمان" لذا ينبغي على المؤمنين المحافظة على النظافة المنزلية الشخصية. وهكذا فإنَّ البيت الإسلامي نواة المجتمع الإسلامي ليس مجرد أحجارٍ وجدران يسكنها أشخاص لا يجتمعون إلا في مناسبة أو لا يهتمون بالقيم والمفاهيم التي أرادها اللَّه لنا مسلكاً ونهجاً في الحياة العائلية والاجتماعية، انطلاقاً من النظم الإسلامية التي تكفل الاستقرار والأمان؛ بل يشكل، أي البيت الإسلامي والعائلة الإسلامية، مرتكزاً في الحياة العامة وقدوة لمن يريد أن يعيش الأمان والسعادة في الدارين: الدنيا والآخرة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع