الشيخ أحمد وهبي
لكل إنسانٍ في هذه الحياة معتقد وفكرة يعتقد بها، وسبيل يسير فيه من وحي ما يعتقد به، وعلى هدي الفكرة التي يؤمن بها، نحو هدف حدده بناءً عليها. ويرى أن كل حاجاته في حياته يتم تأمينها من خلاله، وعليه يكون في تحقيقه سعادته المنشودة.
إن هذا السلوك الذي ينتهجه، والأعمال التي يقوم بها وهو يسير نحو هدفه تعتبر تطبيقات لما آمن به، وخضوع والتزام وتعبّد وتقيد به، وتشكل البرنامج العملي له، وهذا ما نسميه العبادة. فالعبادة ليست إلا العمل بمقتضى ما يرى المرء أنه يسد حاجاته، ويوصله إلى هدفه وإلى كماله وسعادته وبالتالي إلى المثل الأعلى الذي جعله هادياً له وجهةً لأعماله ونشاطاته الحياتية. وعلى هذا الأساس نرى الإنسان يلتذ ويسعد بالسير في الطريق الذي يرى أنه يحقق له غاياته وكلما ازداد تعلقه بذاك المثل الأعلى والكمال الأسمى والسعادة القصوى كلما التذ أكثر حتى يرى أن كل اللذة هي في السير في ذلك الطريق وفي التعبد به وفي العبودية له مهما قاسى من الآلام والمشقات. وكلما كان الهدف واقعياً والغايات حقيقية، والحاجات أهم كلما ازدادت اللذة وكانت أكثر استمرارية وأدوم.
من هنا كان المؤمن باللَّه أشد سعادةً ولذةً، لأن اللَّه هو الحقيقة الواقعية الدائمة الباقية التي لا تزول، وهي فقط التي تحقق للإنسان غاياته المطلقة التي لا يؤمنها أي شيء آخر، لأن أي شيء غير اللَّه محدود وأدنى من آمال الإنسان وتطلعات نفسه التي هي أسمى وأعلى المخلوقات. ولا عجب إذا فهمنا ذلك أن نجد أشرف الخلق وأعظمهم النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله، وخلفاؤه الأئمة المعصومون يعبدون اللَّه تلك العبادة، وأن تكون لهم مع اللَّه حالات لا يحتملها إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن اللَّه قلبه بالإيمان، ووجدوا اللذة العظمى والسعادة المطلقة في عبادة اللَّه والعبودية له. نبارك لكم شهر العبادة والعبودية والسعادة واللجوء إلى الملجأ والأنيس والحبيب الأوحد.