د. حسين سلهب(*)
يحتاج الجسم إلى الطعام لبناء الأنسجة وإصلاحها وتأمين الطاقة للمحافظة على وظائفه الحيوية الكيميائية وللحصول على الدفء. تتباين احتياجات الطاقة حتى بين الأفراد الذين يتشابهون في الطول والبنية والسن والجنس، ولكن حاجة الأجسام الأساسية من الطاقة لمعظم الأشخاص تبلغ 2300 وحدة حرارية للنساء في اليوم و2800 وحدة حرارية للرجال، إذا كان الرجل أو المرأة من أصحاب الأنماط العادية في الحياة، أما الرياضي المحترف أو العامل اليدوي فإنه يحتاج إلى 4000 وحدة حرارية في اليوم. فإذا أكل الإنسان كمية من الطعام أكثر مما يستهلكه الجسم من الطاقة المتحولة عن الطعام فإن جسم الإنسان يقوم عندها بتخزين الفائض من الطاقة على شكل شحوم في الجسم. عندها يعتبر بديناً، إذ تظهر الأنسجة الشحمية في جسمه بدرجة واضحة جداً.
* مظاهر البدانة:
تعتبر زيادة الوزن المظهر الأكثر وضوحاً للبدانة، دون أن يعتبر كل من ازداد وزنه بديناً، فالمرأة الحامل مثلاً يزداد وزنها، وكذلك رافع الأثقال دون أن يعدَّا من أهل البدانة. ويعتبر الشعور العام بالثقل وبالسخونة الزائدة من عوارض البدانة. ومن جهة أخرى ترتبط البدانة بمجموعة من الاعتلالات الخطير، فما هي هذه المخاطر؟
* أمراض البدانة:
تشير الإحصائيات التي أجرتها المؤسسات الصحية أن البدانة تترافق مع حالات مرضية خطيرة كمرض السكري والسكتة الدماغية ومرض الشريان التاجي واعتلال الكبد والمرارة وبعض أنواع السرطان كسرطان القولون أو المستقيم. بالإضافة إلى ذلك توحي هذه الإحصائيات بأن كل شخص يتجاوز وزنه المرغوب بنسبة 40% يزداد احتمال وفاته بمرض الشريان التاجي بمقدار الضعف، وأن الشخص الذي يتجاوز وزنه الوزن المرغوب بنسبة 20 إلى 30% يزداد احتمال وفاته بمرض السكري بمقدار ثلاثة أضعاف بالمقارنة مع الأشخاص الذين لا تتجاوز أوزانهم ذلك الوزن المرغوب. هناك سيئات أخرى مباشرة للبدانة، إذ يبدو أنها تساهم بصورة مباشرة في ارتفاع ضغط الدم الذي يعتبر بحد ذاته عاملاً خطيراً في التسبب بمرض الشريان التاجي والسكتة الدماغية، فإذا كنت تعاني من ارتفاع ضغط الدم يمكنك تخفيض ذلك الارتفاع بمجرد تخفيف وزنك. كذلك يبدو أن داء السكري ينشأ في بعض الأحيان كنتيجة مباشرة للبدانة ويختفي عند تخفيض المصاب لوزنه. والجدير بالملاحظة أن الشخص البدين الذي يحتاج إلى إجراء عملية جراحية يعتبر مشكلة خطيرة بالفعل للطبيب الجراح والطبيب المخدر. كما أن المرأة الحامل السمينة يمكن أن يكون وضعها للطفل أمراً صعباً.
* كيف نواجه البدانة:
المساعدة الذاتية: إذا كنت بديناً فهذا يدل على أنك لا تستهلك كامل الطاقة التي تحصل عليها بالتغذية. وقد يعود ذلك إلى عدة أسباب نفسية أو جسدية، ولكن مهما كان سبب بدانتك فإنه ينطبق عليك وحدك، ولذلك لا تحاول إجراء مقارنات غير مفيدة بين ما تتناوله من طعام وبين ما يتناوله جارك النهم مثلاً.
* الواقعية بداية الحل:
عليك أن تستهلك طاقة أكثر مما تحصل عليه إذا أردت تخفيض وزنك، فهناك وسيلتان لتحقيق ذلك، هما تغيير حميتك الغذائية وممارسة تمارين رياضية أكثر. ومن المؤكد أولاً أن اتباع الحمية الغذائية القاسية لبضعة أيام لا يفيد جسمك والسبب بيولوجي، فإذا فقدت وزنك بسرعة بتجويع جسمك، فإن الانخفاض الذي يحصل في وزنك يعود إلى استهلاك مخزون جسمك من الغليكوجين (مادة شبيهة بالنشاء) والماء الذي يترافق معها. يخزن الجسم مادة الغليكوجين لأداء وظيفة معينة هي مساعدة الجسم في فترة افتقاره للطعام.
وعندما تستهلك كامل مخزون جسمك تقريباً من هذه المادة ومن الماء بسبب امتناعك التام عن الطعام، تفقد بالفعل بعضاً من وزنك ليس من النسيج الشحمي، إذ لا تفقد منه سوى كمية ضئيلة جداً بل كما تقدم من المخزون ذي الوظيفة المحددة، وبعد أن تعود إلى عاداتك في الطعام والشراب السابقة يعود مخزون جسمك من الغليكوجين والماء إلى سابق عهده فيزداد وزنك. لذلك حاول اتباع برنامج للحمية الغذائية والتمارين الرياضية لتحقيق عجز في ميزان الطاقة عندك يبلغ حوالي 500 وحدة حرارية في اليوم، وبذلك تفقد حوالي نصف كيلو غرام من النسيج الشحمي كل أسبوع، ومع أن السير إلى الهدف يبدو بطيئاً، ولكن مجموع ما يمكن أن تخفضه من وزنك هو 25 كيلو غراماً في السنة الواحدة.
تذكر عن تقرير الحمية الغذائية التي سوف تتبعها بأنك ستصل إلى تخفيض وزنك بالقدر المطلوب إذا تناولت طعاماً يولد ما بين 1500 و2000 وحدة حرارية في اليوم فقط. ولكن يجب أن تكون متأكداً أيضاً من توازن هذه الحمية الغذائية الجديدة. اختر ما ترغب به من الطعام ضمن الحمية الغذائية المتوازنة لأنك بحاجة إلى اعتماد أنماط للأكل يمكنك الالتزام بها إلى ما لا نهاية. امتنع عن تناول الأطعمة التي تولد من الحراريات كمية كبيرة، كالأطعمة الشحمية والسكرية واعتمد على الأطعمة المائية واللِّيفية الفقيرة بالشحم والنشويات الكربوهيدرات وحاول الابتعاد عن الوجبات الخفيفة السريعة التحضير وتناول وجباتك في مواعيد محددة.
* التمارين الرياضية أنفع السبل:
بالنسبة لهذا العنصر من برنامج تخفيف الوزن، أي التمارين الرياضية، فكلمة السر هنا هي أيضاً البطء مع المواظبة.إذا لم تنجح جهودك لتخفيض وزنك فقد تكون لسوء حظك من القلة الذين لا يستطيعون تخفيض وزنهم بسبب مشكلة في تكوين أجسامهم، ولذلك عليك باستشارة الطبيب.
(*) طبيب صحة عامة وأطفال.