رئيس التحرير
لقد كان الإمام زين العابدين عليه السلام شاباً عندما شهد واقعة كربلاء... ولقد كان
هو البقية الباقية من شباب آل بيت الرسول محمد صلى الله عليه وآله، وكان سر بقائه
وحفاظ الإمام الحسين عليه السلام عليه هو أنه كان يرى فيه المستقبل، مستقبل الإسلام،
مستقبل الأمة، ومستقبل ثورته التي بذل دماءه لأجلها، حيث وقف في وجه الظلم، فأورث
هذه الثورة لشباب الأمة الذين كان يرى وجوههم في وجه ولده الإمام علي زين العابدين
علي عليه السلام.
لذلك عندما قتل كل أصحاب الإمام الحسين عليه السلام وبقي وحيداً
وجاء ليودع عياله وهو ينادي:
"هل من ذابٍّ عن حرم رسول اللَّه؟ هل من موحِّد يخاف
اللَّه فينا؟" قام الإمام السجّاد عليه السلام يتوكأ على عصا ويجرّ سيفه فصاح
الإمام الحسين عليه السلام بأم كلثوم:
"احبسيه لئلا تخلو الأرض من نسل آل محمد صلى
الله عليه وآله".
إن الأمل باستمرار الثورة لإحقاق الحق وإحياء الإسلام والقيم الإنسانية ومواجهة
الظلم ومحاربة الفساد، وتبديل الوضع الذي ساد الأمة في ذلك الوقت كان يتمثل في
شخصية شاب واحد، وقف بوجه الظالم وقال كلمة الحق، تلك الكلمة الطيبة كشجرة طيبة،
وسقاها من دماء والده الحسين عليه السلام الطاهرة.
فبث الروح في الشباب الواعي
فقاموا على قلتهم وحفظوا إرث الحسين عليه السلام، ونهلوا من معين دمائه، فسقوا
نواحي البلاد الإسلامية، فأثمرت ثورات ملتهبة، يحرقها الشوق للحسين عليه السلام
وأصحابه صلوات اللَّه عليهم؛ وعادت الأمة إلى حياتها وعنفوانها. إن الأمة في كل زمن
بحاجةٍ إلى روح الشباب لتضيء شعلة الأمل بالمستقبل، وتبعث فيها الحيوية والنشاط،
وتفجِّر فيها ثورة الحق في وجه الظلم، بحاجة إلى فكر الشباب المتجدد الساعي نحو
الرقي والتكامل، وإلى إرادته الحرَّة التي تطلب الانطلاق في رحاب الحقيقة والحق،
وترفض الذل والخضوع لأي قوةٍ تريد فرض قدرتها بغير حقٍ وعدل.
لقد قالها الإمام زين
العابدين عليه السلام كلمة باقية مدى الدهر: "الموت لنا عادة وكرامتنا من اللَّه
الشهادة".