مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

إعرف عدوّك‏: الماسونية تحت المجهر


أديب كريم‏


بهدف الإسهام في تكثيف وتوسيع دائرة الضوء على حركة الماسونية، التي عدّت من أخطر الحركات السرية وأكثرها نفوذاً وأوسعها انتشاراً ومن أمضى الأسلحة التي تسلّح بها المشروع الصهيوني طيلة عشرات القرون نلتقي مجدداً في هذه الحلقة لنكمل الحديث عنها بعد أن تعرفنا في الحلقة السابقة على نشأتها وسيرورتها وصيرورتها. الهيكلية التنظيمية: تنقسم الماسونية الحديثة إلى ثلاث مراتب رئيسة، مرتّبة وفق الترتيب العمودي على الشكل التالي: الماسونية العامة أو الرمزية، والماسونية الملوكية أو العقد الملوكي، وأخيراً الماسونية الكونية.


1 - المرتبة العامة
وسميت هذه المرتبة "بالعامة" لأن أعضاءها غالباً ما يكونون من عامة الناس ومن مختلف الانتماءات الفكرية والعرقية والوطنية وأكثر هؤلاء يجهل حقيقة الماسونية وأهدافها، وتجتذبه العناوين والأدبيات الإنسانية الزائفة التي تُغلِّف النشاط والخطاب العلني للحركة الماسونية. وسُميت "بالرمزية" لكونها محاطة بشرنقة من الرموز والإشارات الإيحائية المكثفة التي أُريد لها لعب دور المثير المحفز للعضو المنتسب حديثاً، وجعله أسير شعور بالرهبة والرغبة كذاك الذي ينتاب عادة أصحاب المجازفات الذين لا يخفون لذتهم في المغامرة طلباً للشهرة والتميز. وهذه المرتبة مقسمة إلى 33 درجة، والمطلوب من العضو الارتقاء في سلم هذه الدرجات، وقد يحالفه الحظ في كسب رضى رؤسائه بالوصول إلى الدرجة النهائية. لكن يبقى دون ذلك عقبات وصعوبات جمة تتمثل في جزءٍ منها في تفلت المرء من روابطه الدينية والوطنية والبيئية. وعن ذلك يصرح أحد الماسونيين الكبار في محفل "منفيس" بلندن أمام الأب لويس شيخو صاحب كتاب "السر المصون في شيعة الفرمسون" بالآتي: "إننا إذا سمحنا ليهودي أو لمسلم أو لكاثوليكي أو بروتستانتي بالدخول في أحد محافل الماسونية، فإنما ذلك يتم على شرط أن الداخل يتجرد من أضاليله السابقة ويجحد خرافاته وأوهامه التي خُدع بها في شبابه، فيصير رجلاً جديداً".

وأعضاء هذه المرتبة هم، بنظر أعضاء المرتبتين التاليتين، العميان الذين قصرت أبصارهم عن رؤية ماهية الماسونية واستغرقتهم نشوة الإحساس بالتقدير الأجوف. وفي إشارة إلى هذه النقطة جاء في البروتوكول الخامس عشر من "بروتوكولات حكماء صهيون" ما نصه: "... والحافز لأفراد الغوييم (غير اليهود) في انتمائهم إلى المحافل عادة حب الاستطلاع ودافع الفضول، أو أملٌ في أن ينتاشوا من المجتمع لُقيمات من حب الظهور، وفصيلٌ ثالث منهم أمنيته أن يقف ويتكلم في الجمهور ليستمعوا إليه، وهذا ليس إلا ترهات، فهؤلاء جميعاً متعطشون إلى أن يستمتعوا بلذة القول إنهم نجحوا واستحسن الناسُ ما قالوا، ونحن في هذا على غاية الجود والكرم، والسبب الذي من أجله أننا نمن عليهم بهذا النجاح والاستحسان هو أن نسخرهم ونستغلهم من ناحية غرورهم المطبق، وهذا كله مما يحملهم على أن يعظموا من دون شعور آراءنا وأفكارنا...".

2 - مرتبة العقد الملوكي
 وقد حرص فيها اليهود بداية على أن يكون أعضاؤها من اليهود الصهاينة فقط، إلا أنه واستجابة لتطور أوضاع الحركة لجهة اتساع دائرتها وارتفاع عدد المنتسبين إليها من غير اليهود، ارتُئِي قبول أولئك الذين خلصوا في ولائهم للقضية اليهودية. وفي هذا المجال نقرأ ما جاء في كتاب "هيكل سليمان أو الوطن القومي لليهود" لصاحبه المؤلف يوسف الحاج، الذي كتب عن الماسونية وخفاياها بعد أن عاينها عن قرب بوصوله إلى المرتبة 33 وتحوله إلى مرتبة العقد الملوكي قبل تخليه لاحقاً عن ماسونيته. حيث يقول: "يشهد اللَّه أننا ما قصرنا في شي‏ء من العطف على أبناء إسرائيل طيلة السنين التي خالطناهم فيها في محافل الحرية والمساواة ... وكم مرة مشينا وإياهم في نشر المبادئ الإنسانية العامة، غافلين عما كانوا يعملونه في الخفاء بمعزل عنا، بلمِّ شعثهم وجمع شتاتهم من أقاصي الأرض للحصول على السيادة العالمية باسم الدين والقومية، الَّذَيْن كانوا يظهرون لنا تذمُّرهم من التمسك بهما وإضرارهما بالاجتماع الإنساني، وكم من مرة محونا من مؤلفاتنا التاريخية اسم كل يهودي له صلة بإحدى وقائع التاريخ التي يُشتم منه رائحة التعصب والتعدي، زعماً منا أنه تحامل عليه".

3 - مرتبة الماسونية الكونية:
 وتضم القلة القليلة من أبرز الشخصيات اليهودية العالمية التي تتفرع عن سلالات يهودية عريقة في الاجرام والخبث. ويحيط بهذه الشخصيات غموض كثيف، ولا يتسنى لأحد معرفة هوياتهم غير من كان له الأقدمية في المرتبة الثانية. ويكاد يجمع الباحثون على أن المعقل الرئيسي لهؤلاء يقع في مدينة نيويورك ذات الكثافة اليهودية عالمياً.قضية الطقوس الرمزية السرية: الحركة الماسونية حركة سرية باطنية، الطقوس والإشارات السرية الرمزية تشكل عنصراً أساسياً من عناصر بنائها الهيكلي، وجزءاً هاماً من ديناميتها الداخلية المغلقة. ونبدأ بالرموز المتعلقة بفكرة البناء والتي تمثل الشعار الرسمي للماسونية، وهي مكونة من: البيكار، الشاقول، المطرقة، الزاوية القائمة. وترمز إلى الأدوات التي استخدمت في بناء هيكل سليمان. ويلي ذلك مجموعة من المفردات والأشكال والحركات المرمزة التي تجري عادة داخل المحفل، خاصة في أجواء انضمام عضو جديد، وللمثال نقف عند بعض حيثيات الطقس الرمزي لهذه العملية، حيث تُعصب عينا الداخل أول الأمر كي لا يرى شيئاً من موجودات المحفل حتى يتم حلف اليمين، يأخذه الكفيل الذي يقوده إلى جهة الرئيس بعد أن يهمس في أذنه قائلاً له أن يخطو ثلاث خطوات متساوية مبتدئاً بالرجل اليمنى، ثم يوقفه بين عمودين، ويُرمز بهذا التقويم إلى أن المنتسب قبل دخوله كان في ظلمة واليوم بعد القسم ينتقل إلى النور الأزلي ثم إن الرئيس يدعوه ويلقي عليه الأسئلة التي يراها مناسبة، ويحلّفه اليمين وفي يده سيف على عنق الحالف، وأمام عينيه التوراة بيد كفيله وعند انتهائه من اليمين تُحل العصابة عن عينيه فيرى السيف مسلولاً على عنقه والتوراة الممثلة للنور الأزلي أمام عينيه، ثم يُلبسه الرئيس مئزراً صغيراً كإشارة إلى تحقق إنضمامه إلى الجمعية، وعن مضمون القسم، فهو كالآتي: "أقسم بمهندس الكون الأعظم (المقصود به ظاهراً الإله وباطناً حيرام أبيود) ألاّ أخون عهد الجمعية وأسرارها لا بالإشارة ولا بالكلام ولا بالحركات، ولا أكتب شيئاً عنها ولا أنشره بالطبع أو الحفر أو التصوير، وأرضى إن خنثت بقسمي بأن تُحرق شفتاي بحديد محمى، وأن تقطع يداي ويُجز عنقي وتُعلق جثتي في محفل ماسوني كي يراها طالب آخر ليتعظ بها، ثم تُحرق جثتي ويُذر رمادها في الهواء لئلا يبقى أثر من جنايتي، أقسم بمهندس الكون الأعظم أن لا أفشي أسرار الماسونية، لا علاماتها ولا أقوالها ولا تعاليمها ولا عاداتها، وأن أصونها مكتومة في صدري إلى الأبد"!!

بالإضافة إلى ما تقدم فإن الماسونيين يحرصون دائماً على اضفاء طابع السرية الرمزية التامة حتى على أبسط تفاصيل علاقتهم الداخلية ومظهرهم الخارجي. وذلك من مثل العبارات والمصطلحات الخاصة بالتحية وطريقة المصافحة، ووضع قفازات بيضاء في أيديهم وتزيين صدورهم بشريط عريض، وارتداء ثوب أسود طويل (بالأخص داخل محافلهم)، ووضع الخاتم الممهور بشعار الماسونية بإصبع كل ماسوني، وفي الآونة الأخيرة بدأ الحديث عن ضغوط تمارس من قبل بعض الحكومات على المحافل الماسونية للكشف عن هويات المنتسبين إليها، وعن أنشطتها الغامضة في مختلف المجالات، وذلك كما حصل في فرنسا منذ ما يقرب من ثلاث سنوات عندما سُمح لرجال الأمن والصحافة بدخول المحافل الماسونية وبالتعرف على أبرز الشخصيات الماسونية ذات التأثير الكبير في مجريات الأحداث. وقد كتبت صحيفة Le monde في حينها تقريراً مفصلاً عن هذه القضية، وكما يحصل حالياً في بريطانيا، حيث كتبت صحيفة "تايمز" نقلاً عن تقرير أعدته وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 28 - 1 - 2002 بأن الماسونيين في بريطانيا سيبدأون بالظهور علانية في شوارع لندن اعتباراً من أواخر شهر حزيران، وبأن الماسونيين الذين عُرف عنهم السرية والغموض (عام 1798 صدر قانون حظر منع الجمعيات السرية في بريطانيا واستثنيت المحافل الماسونية منه) سيقومون بأعمال خيرية في الشوارع وهم يرتدون قمصاناً مكتوباً عليها "أنا ماسوني". وحسب ما أوضحت الصحيفة فإن الماسونيين المشهورين بتأثيرهم في المجتمع البريطاني من خلف الستار سيكون بإمكانهم قراءة مجلتهم "الماسونية" الفصلية. وأشارت إلى أنه رغم تشجيع الحركة الماسونية لنحو 300 ألف ماسوني في بريطانيا على التحدث بصراحة عن دورهم في المجتمع، فإنه لن يُسمح لهم بالحديث عن طريقة المصافحة أو كلمة السر المطلوبة لدخولهم المراكز الماسونية، كما ستظل اجتماعاتهم قاصرة عليهم(1). والجدير ذكره في هذا السياق وتأكيداً على الغموض الذي يلف الحركة الماسونية حتى عندما يُعلن عن عدد أعضائها في دولة ما، فإن بعض المصادر تذهب إلى أن عدد الماسونيين في بريطانيا يصل إلى المليون ماسوني، وهم جزء من نحو 59 مليون في العالم موزعين بين أمريكا (4 ملايين) وكندا ونيوزيلندا وأستراليا وجنوب أفريقيا.

* علاقة اليهودية بالماسونية:

إذا كان الحديث عن علاقة اليهودية بالماسونية لناحية النشأة والتحكم السيروري والمصلحي، يشوبه الضعف عند البعض لجهة السند والمعطى اليقيني بحكم تاريخية القضية وتعقيداتها المتداخلة والمركبة والمفتوحة على أكثر من إحتمال وحساب واعتبار، فإن ما يوفره العصر الحديث من دلائل ومعطيات يقتل الشك باليقين، ويؤكد على حقيقة لا تقبل الجدل، ومفادها أن الماسونية هي البنت الوفية لليهودية بمعتقداتها ورموزها وأهدافها وهذا ما أكدت عليه دائرة المعارف اليهودية لمؤلفها الماسوني اللبناني حنا أبو راشد في النص التالي: "أما أن الماسونية يهودية فذلك مما لا شك فيه من ناحية واحدة لا تتعداها، ونحن الماسونيون العريقون أعلم بذلك من الخوارج المتطفلين... بل إننا لنسمح بأن ندل هؤلاء على الحجة الدامغة في هذا الشأن، وهي حجة التوراة في عدة صفحات ورد فيها ما لا يمكن المكابرة معه عند المقابلة بين نصها والنص المماثل في التعاليم الماسونية". وما صدر عن دائرة المعارف الماسونية الصادرة في فيلادلفيا طبعة 1903 تصب في هذا الاتجاه. ومما جاء فيها: "إن اللغة الفنية والرموز والطقوس التي يمارسها الماسونيون الأوروبيون ملأى بالمُثُل والاصطلاحات اليهودية، ففي محفل "اسكوتلندا" نجد التواريخ الموضوعة على المراسلات والوثائق الرسمية كلها بحسب تقويم العصر والأشهر اليهودية، وتستعمل كذلك الأبجدية اليهودية".

وفي الدائرة نفسها لسنة 1906 نقرأ الفقرة التالية: "يجب أن يكون كل محفل ماسوني تجسيداً للعامل اليهودي، وأن يكون كل أستاذ على كرسي المحفل ممثلاً لملك اليهود". نقول بأن الماسونية كانت ولا تزال البنت الوفية لأمها اليهودية والأداة المثلى لإقامة المشروع اليهودي على أنقاض المشاريع الرسالية السماوية الحقة، بدءً من الشعارات المعلنة وإنتهاءً بجوهر العقيدة القائم على نفي كل ما هو إلهي وديني حقيقي، نقول هذا بالإستناد إلى ما ذُكر ودُوِّن في ندوات ونشرات الماسونيين أنفسهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر جاء في نشرة الماسون الألمانية الصادرة بتاريخ 15 - 12 - 1866 ما نصه: "لا يجب على الفرمسون أن لا يكترثوا للأديان المختلفة فحسب، لكن ينبغي عليهم أيضاً أن يقيموا أنفسهم فوق كل اعتقاد بالإله أياً كان".

وعن المحفل الفرنسي الأكبر لاجتماعات شهر تشرين الأول العام 1922 جاء في إعلانه ما حرفيته: "لنشتغل بأيدٍ خفية نشيطة ولننسج الأكفان التي سوف تدفن كل الأديان"!!.



(1) h.ttp: -- www.aljazeera.net- news - europe - 2002-1-1-82-5 htm#top.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع