إنّ مفهوم الشهادة ليس مفهوماً عادياً يستشفّه أيّ إنسان،
وإنّما له صفة خاصّة منيرة ومتألّقة.
فالشهيد يتميّز بأخلاقه، وبعلاقته مع مَن حوله، وبصفات الملائكة المقرّبين. هذه
الفلسفة لا تعرف الشكّ والحيرة، لأنّها قائمة على عمق البصيرة والإيمان. فالشهيد
انكشفت أمامه حقائق الوجود فارتفعت نفسه من دناءة الدنيا لتسمو محلِّقة.
هذه الفلسفة هي صورة للعشق ورمز للصدق والتضحية، فعالم الشهيد ليس كعالمنا، روحه
غارقة في عالم الملكوت الأعلى تنظر إلينا ببصيرتها نظرة الواعي المدرك.
إنّ الشهيد يعشق الحياة ويفكّر فيها. لكنّ رؤيته لها قائمة على السرّ السرمديّ، ذاك
الذي يشرح تعلّق الروح بحبائل الكرامة. فللشهيد قدسيّة خاصة تتبلور معالمها في
الدنيا قبل الآخرة، مرتكزة على مصداقيّة العبادة والتأمُّل؛ لتصل إلى درجة الرقي
الروحي المتلاقي مع أعلى درجات العشق. وهذا الرقي مورده العلاقة الحميمة بخطّ أهل
البيت عليهم السلام والنهل من علومهم وثقافتهم الطاهرة الرساليّة، وبالسير على خطّ
دربهم المقدس.
حسين ديب يونس