مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أسرة: اغتراب الأزواج


نلا الزين


تعتمد الأسرة عادة على عمل الرجل لتسد حاجاتها ومتطلباتها المادية والحياتية، ويسعى الزوج بدوره لتأمين العيش الكريم لأسرته وأبنائه في المكان والعمل والمهنة المناسبين لسكنه، ولقدراته وتوجهاته.. وقد تجبره الظروف الصعبة أحياناً على الهجرة عن وطنه وترك عائلته سعياً وراء لقمة العيش والحياة الكريمة والهانئة...

هنا يعيش الأب بين نارين الأولى تكمن في الظروف الصعبة والوضع الاقتصادي غير الملائم لحياة كريمة والثانية الاغتراب والابتعاد عن أسرته وما ينجم عن ذلك من مشاكل وسلبيات... فعلى صعيد الزوجة مثلاً يشكل غياب زوجها عبئاً جديداً يلقى على عاتقها تجاه الأولاد ومتطلباتهم والمسؤولية المزدوجة. إضافة إلى طابع الجفاء الذي قد يسود بين الزوجين حيث لا يرى الواحد منهما الآخر إلاّ كل عدة أشهر وربّما عدة سنوات، وهنا نشير أنّ الفترة التي يغيب فيها الزوج عن زوجته ينبغي أن لا تتجاوز الأربعة أشهر حتى يبقى الوصال محافظاً على المودة ودرءاً للفتنة أيضاً من جوانبها كافة. وهناك بعض النساء يشعرن أنهن لا يعشن الحياة الطبيعية في زواجهن إضافة إلى التعب اليومي وتحمل المسؤولية. ومن جهة أخرى فانّ‏َ الأولاد يشعرون وكأنّ‏َ الوالد أصبح ضيفاً يأتي كلّ‏َ مُدَّة ويرحل بعد ذلك إلى مدة قد تطول وقد تقصر حسب العمل ومكان الهجرة أو الاغتراب.

وقد يأتي وقت يشعر فيه الولد أنه بحاجة لوجود الأب كما لوجود الأم إلى جانبه لكي يسأل عن أمور كثيرة قد لا يجد أجوبة عنها إلاّ عند الأب. ولا ننسى أيضاً بعد ذلك أنّ‏َ الزوج بدوره يعاني من ابتعاده عن أسرته فبعضهم يشعر بالوحدة بعدما كان يحلم بتأسيس أسرة يعيش في كنفها ويربي أولاده على عينه وليس بعيداً عنها وهو يعلم أنه لا بدَّ من البقاء بالغربة ليحافظ على عيشها الكريم وتأمين متطلبات أولاده. وهم ينتظرون العطلة بفارغ الصبر لكي يعودوا إلى أسرتهم ويعوضوها ما فات من الغياب.

أحد الآباء يعبر بدوره أنه يشعر كأنه ضيف مع أولاده وزوجته وهذا يضايقه كثيراً وهم لا يتحدّثون معه عن مشاكلهم واهتماماتهم مع أنّ‏َ زوجته تفهم الأبناء أنّ‏َ والدهم تعب لأجلهم ولا بدَّ من إرجاع الأمور إليه ليساهم في حلها وفي إعطاء القرار المناسب. أحد الآباء اضطر وحسب حديث لنا إلى ترك وظيفته في المهجر لكي يبقى إلى جانب أولاده حتى لا يفقد مسؤوليته الأبوية تجاه أسرته وحتى لا يصبح الرجل الضيف داخل البيت واكتفى بوظيفة أقل عائداً من الأولى. وزوج آخر ضايقه كثيراً أن تتحول هجرته إلى أمر عادي عند زوجته التي اعتادت على غيابه فلم تعد تسأله متى تأتي ومتى تسافر مع أنَّها في البداية كانت تهتم بهذا الأمر كثيراً من هنا قرر البقاء في وطنه ومع أسرته وزوجته لكي يتلافى فيما بعد جفاء قد يحل يوما من الأيام.

إحدى الزوجات قالت إنّ‏َ هجرة زوجي أضافت حملاً جديداً علي ولكني تفهمت السبب والمعاناة التي يتعرض لها بابتعاده عنا فكنت أتواصل معه بشكل دائم لأخذ رأيه في بعض الأمور وأجعل الأولاد يتحدثون معه وهذا يخفف عنه قليلاً وهو لا يقصر تجاهنا بشي‏ء. أما عن نوعية أخرى من الأزواج الذين هجروا وطنهم من أجل تحصيل لقمة العيش لأسرتهم فقد تحدثت إحدى الزوجات عن زوجها الذي هاجر للعمل ولكنه نسي أنّ‏َ له أسرة وأولاداً فقد بات يهتم بنفسه وتصلنا عنه أخبارٌ كم يعيش في بحبوحة ويفعل الأشياء التي لا تناسب أيضاً كونه متزوجاً وعليه مسؤوليات.

وأحد الأزواج بدوره عبَّر عن قراره العودة من الهجرة وتأمين عمل إضافي في وطنه لكي لا يخسر عائلته أو تخسره أسرته. وهذا ما فعله وقال لقد سُرَّت زوجتي وأولادي كثيراً على الرغم من أني أتعب بعض الشي‏ء في العمل الإضافي هنا لكني أعود إلى البيت وأرتاح بين أحضان أهلي وأبنائي. من هنا ومن خلال هذه الآراء نجدُ أنّ‏َ اغتراب الأزواج يشكل حلاً لبعض المشاكل المادية والاقتصادية وقد يصبح مشكلة بحدِّ ذاته إذا لم يكن من تفاهم بين الزوج والزوجة على طريقة إدارة الأسرة في غيابه وإبقاء التواصل الدائم بين الأولاد ووالدهم لكي لا يشعروا بغيابه المفرط. ولكي لا يتعودوا على غيابه ليأتي عند عودته كضيف يأملون رحيله أو ينتظرونه. أيضاً من المهم أن يلتفت الآباء الى ضرورة عدم إطالة فترة الغياب كثيراً لتتعدى الأشهر العديدة والسنوات بل أن لا تتجاوز الأربعة أشهر أو الستة أشهر على الأكثر ليبقى وجوده قائماً في البيت وفي قلوب وعقول أفراد الأسرة. ولا شك أنّ‏َ هذه المشكلة أصبحت هذه الأيام تأخذ مساحة كبيرة من أسرة اليوم نظراً لما يعاني منه الناس من أوضاع اقتصادية متردية وصعبة كما أنّ‏َ هذا الحرمان العاطفي والنفسي يخلق في نفوس الآباء والأمهات والأبناء آلاماً ومشاكل ربما يسهل عند البعض علاجها ويصعب عند الآخر تجاوزها لتنقلب بعد ذلك إلى عقد نفسية تؤثر على طرفٍ من الأطراف وجهة من الجهات. آملين لأسرة اليوم حياة سعيدة وعيشاً كريماً يضمن لها النجاح والتماسك وعدم التفكك مهما اشتدت المتاعب وتعقدت وذلك يكون بالوعي الكامن عند الدعائم الأساسية في الأسرة التي تديرها.
إلى لقاء جديد.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع