كل شيء له تعالى وجميع الأيام له عز وجل، لكن تضمنت بعض
الآيات القرآنية الكريمة الكلام عن أيام الله إشارة إلى نسبة أيام خاصة له سبحانه
والدلالة على اختلافها عن باقي الأيام وتميزها عنها. فما هي هذه الأيام وماذا
يفرقها عن غيرها من الأيام العادية؟
إن نسبة أيام خاصة إلى الله سبحانه كما ورد في الآية الكريمة
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ
الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾
إبراهيم/5 ليس إلاّ لظهور أمره تعالى فيها مع انعدام تأثير الأسباب الدنيوية
فلا يبقى لغيره ظهور فيها. وهذه الأيام هي الأوقات التي ظهرت أو سيظهر فيها أمره
تعالى وتتبين آياته وتبرز مقدرته وسلطته كيوم ظهور القائم عجل الله فرجه الذي
يدّخره الله لإقامة حكمه على الأرض، وكيوم الموت الذي يظهر فيه سلطان الآخرة وتسقط
فيه الأسباب الدنيوية عن التأثير، ويوم القيامة الذي لا تملك فيه نفس لنفس شيئاً
والأمر يومئذ لله، وكالأيام التي أهلك الله فيها قوم نوح وعاد وثمود. فهذه أيام ظهر
فيها الغلبة والقهر الإلهيان وأن العزة لله جميعاً. وهناك أيضاً ذكر لهذه الأيام في
الآية الكريمة حيث يقول الله تعالى
﴿قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ
اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾
الجاثية/14، والذين لا يرجون أيام الله هم الذين لا يتوقعون لله أياماً لا
حكم فيها ولا ملك إلا له تعالى كيوم الموت والبرزخ والقيامة. ومن أيام الله العظيمة
أيضاً الأيام التي تظهر فيها النعم الإلهية ظهوراً ليس فيه لغيره صنع كيوم خروج نوح
عليه السلام وأصحابه من السفينة بسلام ويوم إنجاء إبراهيم من النار وغيرهما، وهي
أيام لا نسبة لها إلى غيره تعالى. ومن هنا فإن أيام الله هي أيام تظهر فيها نعماؤه
وآلاؤه أو بلاؤه وقهره فيبرز فيها أمر الله وحكمه مع غياب أي سبب أو تأثير دنيوي.
وهكذا فإنه يمكن النظر إلى بعض الأيام الإلهية العظيمة والتي يصادف وقوعها في شهر
رجب الحرام. وأحد هذه الأيام هو اليوم السابع والعشرون من رجب أي يوم المبعث النبوي
الشريف فهو اليوم الذي أراده الله رحمة للعالمين وهداية لهم لإخراجهم من الظلمات
إلى النور ومن الضلالة إلى الهدى ومن الجهل إلى العلم فبعث فيهم
﴿رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي
ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾
ويوم آخر من أيام الله في رجب هو يوم ولادة نور الإمامة وخليفة رسول الله صلى الله
عليه وآله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو يوم الهي يمكن رؤية
إشاراته في ظروف تلك الولادة المباركة حيث سمح الأمر الإلهي بولادة وليه وسيد
أوصيائه في بيته الحرام عندما انشّق جدار الكعبة الشريفة لفاطمة بنت أسد لتدخل وتضع
مولودها المبارك تحت سقف ذلك البيت الشريف فكان حدثاً لم يسبق له مثيل لا من قبل
ولا بعد أبداً.
و15 رجب زواج أمير المؤمنين عليه السلام من الصديقة الطاهرة
الزهراء عليها السلام ولعل هذه المناسبة الكريمة هي السبب في ما جاء في الروايات من
تعظيم ليوم الخامس عشر من شهر رجب وثمرة هذا الزواج أئمة أهل البيت عليهم السلام
الحسن والحسين والتسعة من أولاد الحسين عليه السلام وتتوالى الأيام الإلهية في شهر
رجب حيث ولادة الإمام الباقر والهادي والجواد عليهم السلام.