مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أول الكلام: فَجَعَلْنَاهُمْ الأَخْسَرِينَ


السيّد علي عبّاس الموسوي


لا تزال تتلقّى مسيرة الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ المكائد، فالذين أُقفلت قلوبهم على المعصية، وعشَّشَ الشيطان في صدورهم لن يثنيهم فشل محاولاتهم المتكرّرة عن ابتداع طرق، وأساليب متجدّدة، دوماً، في سبيل هدم كلمة التوحيد وإلحاق الهزيمة بأهل الحقّ.

والله عزَّ وجلَّ كان يوطِّن نفوس أنبيائه ورسله على تحمّل المصاعب والشدائد في سبيل الدعوة إليه، لعلمه بأنَّ مِنَ الناس مَن لا يقبل الحقّ حتّى لو كان أوضح من الشمس. ونماذج هؤلاء كما كانت في عهد الأنبياء عليهم السلام ، كانت في عهد الأئمّة والأوصياء عليهم السلام ، فهم ينكرون نداء الحقّ ويواجهونه بكلّ ما يمكنهم.

وتتدرّج مواجهتهم لأهل الحقّ من استعمال التهديد والوعيد، بالحصار تارةً وبالقتل أخرى، أو ممارسة أبشع أنواع التعذيب بحقّ الأنصار والأتباع. ولا تقف بهم الأمور عند هذا الحدّ فيمارسون الافتراء والمكيدة لأهل الحقّ، بهدف إسقاطهم في أعين الناس. وفي ظلّ التطوّر التكنولوجيّ يبدعون في استخدام ما أعطى الله للإنسانيّة من علم في سبيل تنظيم عمل تدميريّ للحقّ وأهله.

ولكنَّ الله عزَّ وجلَّ وعد أهل الحقّ بالنصر، شرط ثباتهم، ووقوفهم صفّاً واحداً في مواجهة الباطل وأهله. ومن هنا كان الوعد الإلهيّ قضيّة ثابتة دائمة تغذّي الروح المعنويّة فيهم لكي يؤسّسوا لانتصارات متتالية، يتمثَّل أدناها بإفشال المخطّط تلو الآخر.

ولكنّ ما نشهده من أهل الضلال والباطل أنّهم يزدادون كيداً كلّما فشلت خطّة من خططهم، فيبدأون بالاشتداد في القسوة، ويترافق ذلك مع ضَعف عقولهم عن الإعداد الناجح لخططهم، لأنّهم يلجأون إلى ما لا تقبله الإنسانيّة من أعمال، وبذلك يَحكمون على أنفسهم بالفشل.

وفي قصّة إبراهيم النبيّ عليه السلام عِبرة للناس، فنمرود الذي انقادت له الدنيا، تجد نموذجاً له في كلّ زمان، وإبراهيم صاحب المنطق والحجّة له ورثته الذين يحملون منهج النبوّة ويرفعون رايتها، والصراع مستمرّ.. وعندما يفشل نمرود في الانتصار بمنطق العقل، يتوسّل بمنطق القتل، وهكذا الحال في زماننا، فعندما فشلت محاولاتهم لتشويه صورة أهل الحقّ اتّجهت جهودهم للتوسّل بمنطق القتل.

ولكن عندما يتوسّل هؤلاء القتل، فهم ينعَون أنفسهم؛ لأنَّ الدم عندما يُراق يَستنهض من الهمم ما لا يمكن أن ينهض بالكلمة فقط، وكلّما كانت المظلوميّة أشدّ، كانت بشاعة القتل أعظم، وكان تأثير الشهادة أكبر. وفي شهادة الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام خير نموذج على التأثير البالغ والمستمرّ لمنطق الدم على منطق السيف.

إنّ ما يلحق بهؤلاء عندما يمارسون أبشع الجرائم في أتباع الحقّ وأهله هو خسارة أكبر مهما بلغت نشوة الانتصار المؤقّت لديهم، فهم يتوهّمون أنهم قادرون على إسكات الحقّ بمنطق إزهاق النفوس، ولكنّ المدى البعيد لجريمتهم يجعلهم بوصف القرآن الكريم الأخسرين. وصيغة أفعل التفضيل في الآية المباركة الآتية تدلّ على أنّ مقايسة الخاسرين تجعل الذين يتوسّلون القتل هم الأكثر خسارة، كما إنّها تنسب ما يلحق بهم إلى الفعل الإلهيّ لأنّ مظلوميّة الدم المسفوك لا يعادلها شيء. قال تعالى: ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ (الأنبياء 68-70).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات: