جادت أقلام الأدباء، وتنافس في مديحهم الشعراء، وأثيرت على مضاجعهم قرائح العظماء، وانبهر في ساحتهم الباحثون وتصاغر في محضرهم الخالدون.. هم الراسخون في العلم، المطهرون.. هم الهداة الميامين.. هم أهل بيت العصمة عليه الصلاة والسلام.. فإلى قراء مجلة بقية الله نقدم باقة من أزاهير عشق الأدباء.
إيه فاطمة..
يا ثغراً تحلّى بالعفاف فطاب رضابه.
ويا عنقاً تجمّل بالمكرمات فذكا إهابه.
لقد عبق خط وصلك ببنت عمران، يا ابنة المصطفى.
فتلك مريم - ما فرشت الأرض إلاّ من نتف الزنابق، وأنت النفحة الزهراء، ما نفثت الطيب إلاّ من مناهل الكوثر.
والخطّ خطّ الطّهر والعفاف - ما زنّر الأرض إلاّ خفف إرهاقها، ولا عانق الأجيال إلاّ لوَّن آفاقها.
والأرض - لولا هذا الأثير يغمرها - تأجن.
والزمن - لولا هذا العبير يرشفه - يأسن.
يا بتول - يا أم أبيك..
لقد كانت النبوّة طفلك البكر:
داعبته بيد، قبّلته بفم، عانقته بعين، رافقته بقلب، حضنته بروح، ضمّته بشوق.. فاشتعلت بين حناياك أشواق السماء، والتهبت في محجريك أثقال المعاني.
لقد ذاب التراب في المصهر، يا ابنة الجنة..
هكذا - يا ابنة أبيك - أصبحت الوصيَّة... يا طيب الأمومة، يا منتهى العفّة يا طهارة المردن، يا نحيلة.
أي فتى هو فتاك - ما اندغمت في رحابه إلاّ كما يندغم النور في كأس شفيف..
يا عناق الحبّ، يا وصلة العمر، يا امتزاج المسك بالعنبر، يا اعتصار الشوق من قلب العفر، يا أم ريحانتين جسّدا أشواق النبوة.
يا لبنة البقيع..
يا كبرياء النفس عن عنفوان الجفر..
أيّة دمعة ليس لها أن تحرق مقلتيك، وأنت فوق ضريح - ثوى فيه مخمل الكفّ، وحنوة القلب، ورنوة العين، وهلَّة الجبين؛ ودفقة المبسم.. وهالة كالديمة موصولة العبق بغار حراء..
ومسحة كالنّور فيها كل العزاء..
وذاب حبر الوصية يا أنوق..
وبقيت على الخط الكريم، يا عديلة مريم.
يا قيثارة النبي،
يا ثورة اللَّحد،
ويا وتراً في غمد.
مما كتبه الأديب سليمان كتاني