الشيخ علي حجازي
تملك الدولة بعض المرافق، كالمياه والكهرباء والهاتف والطرق والأرصفة، وما شاكل ذلك. وقد تكون هذه المرافق تحت سلطان بعض الشركات. والدولة مع الشركات التابعة لها جهة، وليست شخصاً. والجهة تملك، بينما نرى كثيراً من المسؤولين وعامة الناس يتصرّفون في هذه المرافق كأنّها ملك سائب لا ولاية لأحد عليها. فبعض المسؤولين يأكلون أشياء كبيرة، وبعض الناس يتصرّفون بأشياء صغيرة، وكلّ من هؤلاء وهؤلاء يضع يديه على هذه المرافق. وفي هذه المقالة بعض الأحكام من فقه الوليّ حول الأموال العامّة.
1- المياه:
أ- لا يجوز استعمال الماء من مؤسسة المياه بطريقة غير قانونيّة. ويجوز مع الالتزام بالقانون الذي وضعته الجهة المسؤولة عن المياه.
ب- لا يجوز استعمال شفّاط الماء، ولا فتح عيارات الماء إذا كان ذلك مخالفاً لمقرّرات الشركة، وبلا إذنهم.
ج- إنّ وضع البعض شفّاطاً لشفط الماء، بحيث يمنعون وصوله إلى الآخرين، لا يبرّر ولا يجوّز للآخرين المتضرّرين استعمال شفّاط المياه. وينبغي أن تُرفع هذه المشكلة إلى الشركة للقيام بحلِّها بطريق المسالمة، بل لا يبعد جواز الترافع إلى الدولة في هذه الحالة، إذا توقّف استيفاء حقه على ذلك وكان في تركه حرج عليه.
د- لا توجد فتوى مستورة تجيز سرقة المياه. فإنّ الدولة ومؤسّساتها تملك أموالها حتى وإن كانت كافرة أو ظالمة، ولا يجوز لأحد أخذها من دون مجوّز شرعي أو قانوني.
هـ- إذا وُجد المكلّف في مكان، وكانت مياهه غير قانونيّة وكان مضطرّاً لاستعمال الماء، جاز له ذلك في غير الغُسل والوضوء فإنه مع الانحصار به ينتقل إلى التيمم، ويكون ضامناً لما استهلكه، ولا يجوز مع عدم الاضطرار.
و- إذا اغتسل أو توضّأ بماء مغصوب مع العلم، والعمد، والنسيان إذا كان هو الغاصب، فغُسله ووضوؤه باطلان، ومع الجهل، أو النسيان إذا كان غيره هو الغاصب، يصحّان، والغصب يشمل ما تملكه الدولة غير الإسلاميّة.
2- الكهرباء:
أ- لا يجوز استعمال الكهرباء بطريقة غير قانونيّة، ويجب التزام القانون الذي وضعته الجهة المسؤولة. ولا يجوز التعليق على خلاف القانون وبدون إذن أصحاب القرار، ولا يوجد أيّ مبرّر للتعليق بدون إذن الشركة.
ب- إنّ تعليق البعض على خطوط الكهرباء، بحيث يمنعون وصول الكهرباء إلى الآخرين لا يُجوّز للمتضرّرين التعليق على خلاف القانون وبلا إذن.
ج- لا يجوز التلاعب بعدّادات الكهرباء بما يزيد من (الأمبيراج) دون إذن، ولا بما يقلّل من (الكيلووات) المستهلكة، فيجب إبقاء العدّاد سليماً.
د- إذا كان مضطراً لاستهلاك الكهرباء ولم يكن لديه إذن من الشركة، كما لو كان في مكان مخالف، واضطرّ المكلّف لاستعمال الكهرباء يجوز بمقدار الضرورة، ولكن يجب عليه ضمان ما استهلكه. ولا يجوز ذلك مع عدم الاضطرار.
هـ- يجب دفع (الفواتير) الكهربائيّة، ولا يجوز التهرّب من الدفع، ومن يعتقد نفسه مغبوناً يتابع مع الجهات المختصّة.
3- الهاتف:
أ- يجب الالتزام بالقانون الذي أقرّته شركة الهاتف، ولا يجوز التلاعب بما يؤدّي إلى التهرّب من الدفع، أو تقليل قيمة الاتصالات على أنواعها، سواء أكانت الشركة لدولة إسلاميّة أم غيرها.
ب- إذا استخدم المكلّف مكالمات ولم يؤدِّ قيمتها وجب عليه الضمان للشركة.
4- الأرصفة:
لا يجوز التصرّف في الأرصفة بما يضرّ بالمارّة الراجلين، ولا يجوز سدّ الطريق الذي هو لعبور الناس ولا مزاحمتهم في المرور من خلال وضع ما يعيق الحركة فوق الأرصفة كالبضائع ونحوها.
5- الضمان:
أ- يجب التزام القوانين الموضوعة للضمان، والالتزام بالمقرّرات الخاصّة، ولا يجوز التلاعب بها.
ب- لا يجوز تقديم فواتير الأدوية للضمان باسم شخص وهي لشخص آخر، فهو كذب أوّلاً، وأخذ أموال بغير حقّ ثانياً، ولا يجوز التصرّف بالمال المقبوض في هذه الحالة، وكلّ من تصرّف بهكذا مال يجب عليه مراجعة وكيل الحاكم الشرعيّ.
ج- إذا أخذ الطبيب مبلغاً مقابل معاينة المريض فلا يجوز له أن يكتب في الفاتورة أكثر ممّا أخذ، وذلك لتقديمها للضمان، بل تقدّم الفاتورة بمقدار ما أخذ الطبيب، ولا تجوز كتابة ما يخالف الواقع.
د- لا يجوز للصيدليّ وغيره إعطاءُ علب فارغة لأناس مضمونين ليقدّموها إلى الضمان، بينما هم لم يستعملوا هذه الأدوية، والمال المأخوذ بهذه الطريقة حرام، ويجب ردّه. وعلى المعنيّين في الصيدليّات أن يتوقّفوا عن هكذا معاملات.
هـ- لا فرق فيما سبق بين الضمان التابع للدولة وبين غيره.
6- الإنترنت ونحوه:
يجب الالتزام بالمقرّرات الصادرة عن الجهة التي تدير شبكة الإنترنت (والساتلايت) وما شاكل ذلك، ولا يجوز مخالفة هذه المقرّرات، وحالها كحال الكهرباء والهاتف.
7- الختام:
إنّ الجهة (كالدولة) تملك، ولا يجوز التصرّف بما تملكه إلّا ضمن المقرّرات والقوانين الموضوعة. ولا بدّ من إحراز الإذن للتصرّف، وإلّا فتكون المعاملة محرّمة، بلا فرق بين الدولة الإسلامية وغيرها في ذلك.