دنا الفجر..
ولامست بنانه تربة السجود..
أطال القنوت.. ولملمت حروف الكلمات ملح عينيه..
كان صوته شجياً يؤنس الروح.. وتلك المناجاة!.. أتراها تلك التي تبقيه على الحياة، أو شوق وحنين للقاء؟
انتفض كالأسد الباسل.. ألقى نظرة الوداع.. وتجلببت سكناته بهدوء غريب..
اقترب من أمه وأطال العناق:
- "اعذريني بضعة الروح وكل الأمان..
ضميني إليك.. دعيني أنظر لحنان عينيك..
دعي روحي تأنس عند عطف قدميك..".
تسارع نبض قلبها..
ضاق صدرها..
"ما الخبر؟ ما سر النور في وجهك يا قمر؟
بني.. يا ترنيمة الفجر الندي.. أنت كنز دونه كنوز الدنيا..
فما للدنيا تشرق على عجل لتحرّر قرص الشمس؟
ما للأرض بخضرتها تفرش الثرى بسجادة مزركشة ويتألق ربيعها شامخاً شموخ العزة والاٍباء؟
.. أجزم أنها سقيت بدماء الشهداء.. انتظرني أنثر فوق رأسك ورود الياسمين.. أَوَتمضي؟"
- اعذريني يا كل الحنان.. فقد آن الأوان..
- امضِ يا بضعة روحي.. إن هي إلّا ساعات.. وتتساقط الزغاريد من على الشرفات.
دلال حجازي