إنّ أول وظيفة تقع على الشيعة عند موت مرجعهم في الأحكام الشرعية هي البحث عن الفقيه الأعلم ليأخذوا منه أحكام دينهم.
كتب العلاَّمة العراقي يقول: بعد وفاة المرحوم صاحب (الجواهر) الشيخ (محمد حسن) توجه الناس إلى المرحوم الشيخ (الأنصاري) وطلبوا منه رسالة عملية ليكون مرجعهم في الأحكام فلم يوافق وقال لهم: أنا لا أملك رسالة عملية مع وجود سيد العلماء المازندراني فهو أعلم منّي، اذهبوا إليه في بابل.
ثم كتب إليه رسالة طلب منه فيها أن يأتي إلى النجف الأشرف ليتزعم الحوزة العلمية. أجابه سيد العلماء فكتب: صحيح أنّي عندما كنت أتباحث معك في دروسنا أثناء وجودي في النجف كنت أقوى منك في الفقه، إلا أنّي بعد أن عشت كل هذه المدة في بابل بعيداً عن الدرس لا أشك أنّك سبقتني في ذلك، فأنت الآن أعلم منّي وعليك أن تقوم بأمر المرجعية بنفسك.
وعندما قرأ الشيخ الأنصاري الرسالة الجوابية قال للحاضرين: أنا لا أملك اليقين بصلاحيتي لهذا المقام، فإن أجازني صاحب الزمان عجّل اللَّه فرجه) وعينني في هذا المقام فسأوافق على التصدي له.
وفي أحد الأيام كان الشيخ يلقي درسه على طلابه إذ رأى رجلاً عليه آثار الهيبة والجلال يدخل مكان الدرس، فأظهر له الاحترام، ثم جلس بين الطلاب وسأله قائلاً: ما هو نظركم في امرأة يُمسخ زوجها؟.
أجاب الشيخ فقال: أنا لا أستطيع أن أجيب عن هذه المسألة لعدم وجود هكذا بحث في كتبنا الفقهية.
قال الرجل: لنفرض الآن أنّ أمراً من هذا القبيل قد حدث، فما هو التكليف الشرعي للزوجة؟
قال الشيخ: إنّي أرى أنّ الرجل إن كان قد مسخ حيواناً وجب على زوجته أن تعتد عدّة طلاق، ولها أن تتزوج بعد ذلك، لأنّ الرجل لا يزال حياً.
أمّا إذا مسخ الزوج جماداً وجب على زوجته أن تعتد عدّة وفاة لأنّ الرجل قد تحول إلى حالة موت.
قال الرجل الثالث: أنت المجتهد، أنت المجتهد، أنت المجتهد، ثم نهض وخرج.
عرف الشيخ الأنصاري أن الرجل هو صاحب الأمر (عجّل اللَّه فرجه) وأنّه قد أعطاه إجازة بالاجتهاد فقال لطلاّبه على الفور: ابحثوا عن هذا الرجل فهو إمامكم!
نهض الطلاب وبحثوا عنه كثيراً لم يعثروا على أثر!.