* الموناليزا
قبل قرن ونيف كتب المؤرخ الفرنسي جول ميشليه عن الموناليزا: "هذه اللوحة تغريني وتدعوني وتقتلعني من مكاني وتحتويني وإنّي أذهب إليها رغماً عني كما يذهب العصفور إلى الأفعى".
برغم تجاوزها الـ450 عاماً، ثمة أسئلة محيرة لا تزال تطرح حول الموناليزا، وربما لم تثر لوحة أخرى هذا المقدار من الجدل الذي أثارته الموناليزا منذ أول عهدها، ويقول المؤرخ الفني الأمريكي روى ماكمولني: "اللوحة لا تحمل توقيعاً ولا تاريخاً، وليس هناك أي أثر لتكليف فنان معين برسمها أو وثائق حول مبلغ تقاضاه، كما لا نجد إشارة إلى العمل في المراسلات الإيطالية الكثيرة التي ترقى إلى مطلع القرن السادس عشر".
ويعتقد الخبراء (معظمهم) أن ليوناردو دافنشي بدأ برسم اللوحة عام 1503 بقياس 77/53 سنتم وأنّه أمضى سنوات طويلة لإنجازها الأمر الذي يبين استحواذها عليه، ولكن من كانت المرأة التي يمثلها الرسم؟ أقدم إجابة عن هذا السؤال نجدها في سيرة ليوناردو التي كتبتها جورجيا فاساري عام 1550، والتي جاء فيها أنّ "ليوناردو تعهد أمام فرنشيسكو دل جيوكوندو برسم زوجته موناليزا"، وعبارة "مونا" هي تصغير لعبارة "مادونا" أي "سيدتي"، وعائلة زوجها جيوكوندو، تفسر لماذا أطلق الفرنسيون "لاجوكوند" والإيطاليون "لاجيوكوندا" على اللوحة وتضيف السيرة: "عمل ليوناردو في تلك اللوحة أربع سنوات، ثمّ تركها من غير أن ينهيها، وهي اليوم في فونتينبلو في حوزة صاحب الجلالة فرنسيس ملك فرنسا".
ومن فونتينبلو وجدت اللوحة طريقها إلى متحف اللوفر في باريس، إلاّ أن رواية فاساري تحوي عقبتين خفيتين، فعندما باشر ليوناردو رسم اللوحة كانت ليزا دل جيوكوندو في الرابعة والعشرين، لكن العديد من المراقبين يجد أنّ اللوحة في اللوفر تظهر امرأة في أواخر الثلاثينات أو مطلع الأربعينات من عمرها، أضف إلى ذلك أنّ لوحة اللوفر مكتملة حتّى في أصغر تفاصيلها، في حين أن رواية فاساري تتكلم عن لوحة غير كاملة.
ومهما يكن من أمر، فإنّ رسم "ليزا دل جيوكوندو" وجد ضمن المجموعة الفنية للملك فرنسيس الأول، وارتحل من مكان إلى آخر، بما في ذلك غرفة نوم نابليون في قصر تويلري عام 1800، في طريقه البطيء إلى متحف اللوفر.
ويقول "جوزف فيتش كانت" في مقال "الموناليزا في الموسوعة البريطانية": "هناك اثنتا عشرة لوحة على الأقل تمثل بامتياز عمل ليوناردو دافنشي المعروف بـ"الموناليزا" والكثير من هذه اللوحات أنجزها تلاميذه، وقد ادعى بعض مالكيها في وقت أو آخر أنّه صاحب العمل الأصلي".
وليس سهلاً على الإطلاق فصل القول في أيها تكون الموناليزا الأصلية فهناك نماذج في المجموعات الخاصة والمتاحف وصناديق المصارف حول العالم، يُضاف إلى هذا أنّ مجموعة من الأوروبيين والأمريكيين تدعي سراً أنّها تحوز اللوحة الحقيقية.