ديما جمعة فواز
السلام عليكم، اسمي حيدر وعمري 17 سنة، مشكلتي أنني صريح، لا أكذب، لا أتزلّف، ولا أجامل، أقول كلمة الحق مهما كلّفتني! وبصراحة، لا أعتقد أنها مشكلتي بقدر ما هي مشكلة مَنْ حولي لأنهم لا يتفهمون صراحتي ولا يتقبّلون رأيي..
غالباً ما تسألني والدتي إن كان طعامها لذيذاً، فإذا قلت لها بصراحة إنه ينقصه الملح أو ليس مميزاً، تحزن وتقول إنه لا يعجبني العجب ولا أفهم سبب غضبها مني! وذات مرة، في المدرسة، كان الأستاذ يتفاخر بذكائه واتقاد فكره، فأخبرته بصراحة، أن أستاذ السنة الماضية كان أفطن منه.. فطردني من الصف.. لا أفهم ماذا يريد مني الآخرون أن أقول. هل يتوقعون مني أن أكذب كي أرضيهم؟
مشكلتي شعرت بها مؤخراً، حين اجتمع رفاقي وخرجوا في نزهة، واستبعدونني تماماً، وحين سألتهم عن السبب قالوا لي إنني لست اجتماعياً وإنني دوماً أثير المشاكل وأتكلم بحدّة معهم.. حينها استوقفني رأيهم، وحزنت لتقييمهم القاسي لسلوكي، وأحسست كم أنا غريب في مجتمع متملّق يلهث خلف المجاملات!
أنا صادق، هذه مشكلتي في زمن الأقنعة والأكاذيب.. أريد منكم أن تعطوني رأيكم.. هل المهم رضا الله أم رضا عباده؟ وكيف أجعل مَنْ حولي يتقبّلون صدقي؟
* الرأي الآخر
الصديق حيدر، نشكر مشاركتنا مشكلتك، ولأنك صريح سأكون معك صريحة بدوري، فتقبل رأيي حتى إن لم يكن كما تحبّ.
جميع الأمهات يتوقعن أن أكلهن هو الألذ، على الأقل بالنسبة لأولادهن، وأغلب الأساتذة يعتقدون أنهم أذكياء، نسبة إلى ذكاء وخبرة تلاميذهم. لذلك من المهم أن تعرف الفرق بين أن تكون جارحاً في إعطاء رأيك أو أن تكون مراعياً لشعور مَنْ حولك.. إن قلت لوالدتك إن طعامها هو الألذ.. وأدخلت الفرحة إلى قلبها العطوف، ستكسب ودها ورضا الباري عزّ وجل، وإن احترمت أستاذك ووقرته ولم تعط رأيك القاسي بذكائه، ستكون كبقيّة رفاقك، ولن تثير غضبه!
وقد قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "مداراة الناس نصف الإيمان". الكذب مرفوض تماماً حتى في حالات تتطلب منك الجرأة في قول الصدق، ولكن ليس في إطلاق العنان لكلمات تحزن بها قلب غيرك. حين صارحك رفاقك برأيهم، سبّبوا لك الألم، وجعلوك تشعر بالوحدة، وهذا نموذج مبسط عن مقدار الأذى الذي تُشعر به الآخرين.
لذلك، من المهم أن تحافظ على صفة الصراحة لديك ولكن انتبه للأمور التالية:
1- أن لا تسبب للآخرين الألم نتيجة رأيك الجارح.
2- اختر الأسلوب الذي تعبر به عن رأيك، فالصراحة تتطلب ذكاء في التعبير، بطريقة غير فظة.
3- عليك أن تحدّد الهدف من كلمتك، وبناءً عليه ستفكر متى تتكلم، وكيف تحقق مبتغاك.
وبالخلاصة: حين تعطي رأيك بأي شخص، اعتبر أنّ كلامك موجّه إليك، فإن أحسست أنه قاسٍ لا تتفوّه به.. واحذر أن تؤلم قلب من تحب!!