ديما جمعة فواز
السلام عليكم، اسمي باقر وعمري 19 سنة، مشكلتي أنني لا أجيد قول كلمة "لا"، ما يجبرني على أن أخضع دوماً لإرادة الآخرين ومشاريعهم.
أكون برفقة أصدقائي ولا أعرف كيف أواجههم، صدقاً، بأفكاري، فإنْ كنت مريضاً، أخاف أن أرفض مشاركتهم في لعب مباراة كرة القدم حتى لا يكرهوني وأضطر أن أتعالى على آلامي من أجلهم. كما أنني منذ فترة قررت أن أشتري ملابس جديدة وكنت أهمّ بالخروج حين سألني أخي إن كنت أستطيع أن أقرضه المال فأعطيته إياه خشيةَ أن أفقد احترامه.. كيفما تحركت وأينما ذهبت أواجه مواقف مخجلة وأشعر بالضيق والرغبة في أن أعبّر بصدق وشفافية عما أريده وأن لا أبالي إنْ وجدني رفاقي أنانياً أو اعتبرني أخي طماعاً..
وأكثر ما آلمني ودفعني لأن أرسل لكم مشكلتي أنني منذ أسبوع تقريباً كنت محبَطاً وأشعر بالضيق وقد رجوت جميع من أعرفه من جيران وأصدقاء أن يرافقوني لنمضي يومين في القرية فلم يوافق أحد واعتذر الجميع مني مدّعين انشغالهم بالدراسة وعدم الرغبة بتضييع الوقت!
لا أحد يفكّر بي بينما أمضي وقتي بالتفكير بما يريده الآخرون مني وما يفرحهم. لذلك ارتأيت أن أطلب مساعدتكم.
الحل:
الصديق باقر،
نشكر ثقتك بنا ومشاركتنا مشكلتك. من المفيد أن تعرف أنّ ما تعاني منه ليس مشكلة بحدّ ذاتها إنّما هو سوء تقدير للظروف أو أسلوب تفكير خاطئ نوعاً ما.
فقد اعتبرت أنك لا تجيد قول كلمة (لا)، والحقيقة هي أنك تخشى أن تكون صريحاً فتُنبذ من الآخرين ما يجعلك تنقاد بسهولة مع ما يريدون، لأجلك أنت لا لأجلهم.. بمعنى آخر، تلعب مع رفاقك رغم مرضك حتّى لا يكرهوك، وتعطي أخاك المال حتى لا تفقد احترامه لك، وبذلك فإنّ اهتمامك ينصبّ على ذاتك وصورتك وليس على خدمتهم.
صديقي باقر، عليك في البداية أن تنمّي ثقتك بنفسك وتتأكّد أنّ من يحبك بصدق لن ينزعج منك إن عبّرت له صراحة عمّا يريحك، بل على العكس، سيحترم رغباتك. كما ينبغي أن تقدّر موقف أصدقائك وتحترم رغبتهم مهما كانت أسبابهم غير منطقية بالنسبة لك لأنهم صادقون وعليك أن تتصرّف على هذا الأساس.
وطبعاً، الإيثار ومجاهدة أنفسنا لمساعدة أحدهم، لا علاقة له بمشكلتنا. لذلك، سنقدم إليك مجموعة خطوات مساعدة في هذا الموضوع:
1 - إذا طَلب منك أحدهم خدمة، اطلب منه مهلة للتفكير، ما يمنحك وقتاً لمعرفة إن كان الأمر المطلوب يتناسب مع قدراتك أم لا.
2 - ثم في حال وجدت أن الموضوع يفوق طاقتك اعتذر بأسلوب مهذب، وكن واضحاً في مبرّراتك. فالقاعدة تقول: بإمكانك أن تقول ما تريد، لكن المهم "كيف" تقوله.
ومن ناحية أخرى لو استطعت أن تدلّهم على مَن قد يساعدهم، فاقتراحك كفيل بجعلهم يشعرون أنك مهتم لأمرهم.
3 - وأخيراً، لا تقرُن موافقتك على مساعدة الآخرين بتوقعات منها أنهم مجبرون على ردّ الجميل لك يوماً، فيما عليك، من جهة أخرى، أن تعتاد على خدمة الآخرين وانتظار الأجر الأخروي... فالبشر قد يتناسون ولكن الله لا ينسى.