مروى حسين الدرّ

تساقط الشعر، أمر يقلق الكثير من الناس ويشكل أحد اهتماماتهم اليوميّة، وهو موضوعٌ مثيرٌ للضوضاء على طاولة الأبحاث العلمية.. إذ أكّدت الدراسات أنه عمليّة بيولوجيّة طبيعيّة ولكن ضمن إطار القدر المتّفق عليه. فمتى يصبح تساقط الشعر ظاهرةً مَرَضيّة؟ ما هي أسبابه؟ وما أبرز طرق العلاج والوقاية منه؟

*يردّ الحرّ والبرد
يغطّي الشعر أماكن من الجسم، مثل الرأس والحواجب والرموش والذقن، مؤدّياً وظائف خاصّة. أما أبرز هذه الوظائف فهي:
أ - حماية الجسم من المؤثّرات الخارجيّة.
ب - تنظيم درجة حرارة الجسم عن طريق حفظها في فصل الشتاء وتبخير العرق في فصل الصيف.

ويختصر جواب الإمام الصادق عليه السلام للرجل الهندي عن حكمة جعل الشعر على الرأس هذه الوظائف بقوله عليه السلام: "وجعل الشعر من فوقه ليوصل بوصوله الأدهان إلى الدماغ ويخرج بأطرافه البخار ويرد الحرّ والبرد عنه"(1).

*سقوط الشعر.. نذير مرض؟
للشعرة حياة خاصة تشبه دورة حياة الإنسان، فهي تمرّ في فترة طفولة ثم شباب، لتنتهي إلى حالة شيخوخة تؤدي إلى سقوطها لتبدأ حياة شعرة أخرى في المكان نفسه. وقد أثبتت الدراسات أن عدد شعر الرأس يبلغ مائة ألف شعرة. ويتجدّد هذا العدد خلال خمسة أعوام. معنى هذا، أنّ 50 شعرة تسقط كل يوم. وإذا زادت كميّة الشعر الذي يسقط عن هذا القدر، يعتبر ذلك تنبيهاً لحالة مرضيّة، غير طبيعيّة.

*أسباب تساقط الشعر
1 - الكيماويّات: التي تدخل في تركيب العديد من المستحضرات: كصبغة الشعر، ومواد تمليس الشعر. إذ يمنع بعض مركّباتها الأحماض الدهنيّة من انقسام الخلايا، وبالتالي من تجدّد النمو.

2 - الحمّيات: وتشمل الأمراض التي يرافقها ارتفاع مستمر في درجة الحرارة كالتيفوئيد والحمّى وغيرهما، التي تؤثّر على بصيلات الشعر، وعلى دورة حياة الشعرة نفسها.

3 - الأمراض العصبيّة والنفسيّة: التي تصيب المخ والنخاع الشوكي، كذلك بعض الحالات النفسيّة، مثل: الاكتئاب والإرهاق الذهني.

4 - العوامل الوراثيّة: التي تلعب فيها الجينات دوراً رئيسيّاً.

5 - كثرة شدّ الشعر أو العنف في شدّه بالربطات المطّاطيّة القاسية.

6 - اضطرابات الغدد الصمّاء Glandes endocrines، والغدّة الدرقيّة كالغدّة النخاميّة Thyroid.

7 - انتشار الباروكات: التي يضعها بعض السيّدات لفترات طويلة أثناء النهار ما يمنع وصول أشعّة الشمس البنفسجيّة التي تساعد على تنشيط الدورة الدمويّة، وبالتالي دورة حياة الشعرة.

ملاحظة: يكمن العلاج الأهم لتساقط الشعر في علاج الأسباب والعلل التي تؤدّي إلى سقوطه، إذ إن سقوطه، بحدّ ذاته، ليس مرضاً، إنما نتيجة للإصابة بواحد أو أكثر من الأمراض التي ذكرناها.

*العلاج بالحقن Mesotherapy:
احتل هذا العلاج دوراً كبيراً في حلّ مشكلة تساقط الشعر. وقد أثبت الكثير من الحالات أنّه علاج فعّال وناجح، وهو يكمن في أخذ حقنة تحت فروة الشعر تحتوي على الأحماض الأمينيّة الضروريّــة، والفــيـــتــامـيـنـــات المغذيّة للفروة، على أن لا تقل مدة العلاج عن ثلاثة أشهر.

*وللغذاء دور أيضاً..
بما لعوامل التغذية من تأثير على نمو الشعر والحفاظ عليه يجب الالتفات إلى ما يلي:

1 - تجنّب الإفراط في تناول الدهنيّات والنشويّات.

2 - تناول الأطعمة التي تحتوي على مركّبات خاصة من الأحماض الأمينيّة الضروريّة لسلامة الشعر كاللبن واللّحم والبيض.

3 - الحصول على كميّة وافية من الفيتامين (A)؛ لأنّ نقصه بشكل كبير يؤدي إلى جفاف الشعر، وفقدان جماليّته.

4 - استعمال زيت الزيتون الخالي من الكوليستيرول للتدليك، كونه يطرّي فروة الرأس.

5 - الاستعمال المتكرّر لعصير الملفوف الغني بالفيتامين (A) وبالأسيد أسكوربيك والبوتاسيوم، إضافة إلى مادة الكبريت التي تحدّ من التهابات فروة الرأس.

6 - الحصول على كميّة وافية من البيوتين (B8) الضروري لتشكل الخلايا الجلديّة.

*هل للشامبو دور في عمليّة التساقط؟!
إنّ حسن اختيار الشامبو المناسب لنوع الشعر هو من أهمّ النصائح التي يقدمها لنا الأطباء المختصون، ذلك لأن الاستعمال غير المناسب لا يؤمن للشعرة حاجيّاتها وربما تزيد مركّباته من ضعفها وتقصفها ما يؤدي بالتالي إلى التساقط. لذا، ولتجنب هذه المشكلة، على كلّ منا أن يحدد نوع شعره ومن ثم يختار الشامبو المطلوب.

*أنواع الشعر
أ - الشعر الجاف: نتيجة ضعف الغدد الدهنيّة في الرأس، يبدو الشعر جافاً بلا لمعان، وخالياً من الحيويّة، ما يعرّضه للتكسّر والتقصّف بسرعة. وقد نصح الاختصاصيون أصحاب هذا الشعر بشامبو يحتوي على الزيت خاصةً والفيتامين (A).

ب - الشعر الدهني: نتيجة زيادة عمل الغدد الدهنيّة يبدو الشعر مزيتاً وملبّداً لكثرة كمية الدهون المفرزة. لذا، على أصحاب هذا النوع من الشعر، التقليل من الأطعمة التي تحتوي على الزيوت المشبّعة واستعمال شامبو يحتوي على الليمون للتخلص من كميّة الدهون الزائدة.

ج - الشعر العادي: تعمل الغدد الدهنية بانتظام وبشكل متوازن ما يعطي الشعر حالة وسطيّة طبيعيّة بدون أية عوائق.

*نصائح وقائية
1 - تسريح الشعر بهدوء للسماح لكل شعرة بالتنفس.

2 - تدليك جلدة الرأس باتجاه الدورة الدموية لتسهيل عملية وصول الدم لبصلة الشعر.

3 - غسل الشعر المغطّى بالجل أو الموس قبل النوم لإعطاء الشعرة الفرصة بالتنفس.

4 - عدم الإفراط في استعمال البرماننت وطريقة تمليس الشعر Defrissageالتي تقصّف الشعر وتفقده حيويته.

5 - تجنّب كثرة صبغ الشعر لما تحتويه الصبغات من مواد كيماويّة سامة.

حقيقة هامّة: إن جمال الشعر وحيويّته غالباً ما يكون دليلاً على ما تتمتع به من صحّة عامّة.

^{1.الخصال، الصدوق، ص512.}