مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الافتتاحية: رسالة الحرية



كلما مالت الأمم في تخلفها وشركها نحو وادي حضارتها السحيق، وأصبحت على شفا جرف هار بعث اللَّه نبياً يخلصها. وفي المقابل يأخذ الأبالسة بالعمل الدؤوب كلما أخذت الأمة تغادر الظلام حاملة قبساً من أنوار الهداية والمعرفة.

عبر أجيال النبوات كانت راية التوحيد وبفضل تقديماتهم وجهاداتهم المتواصلة تجلو وترتفع بصورة مطردة، إلى أن أطل الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة الإلهية الخاتمة والتي حملت أرفع وأعمق معارف التوحيد وأغنى معانيها، لقد بلغت رسالة الأنبياء والتي هي رسالة التوحيد أعلى مراتب كمالها على يد النبي الأمي الكامل ولم تكن الجزيرة العربية لتحفل بالخروج من وحدتها لولا بعث فيهم نبياً من أنفسهم ليثبت لهم أن لهذه الأنفس قابليات التقدم الحضاري بعد أن كانوا أميين، إذ ليس الأمي من لا يعرف الحرف ولا يعرف رسالة الحرف والتي دائماً كانت هي رسالة التوحيد، توحيد اللَّه وتوحيد النفس وتوحيد البشرية في حظيرة واحدة.
وتوحيد التشريع والقانون وتوحيد الحكومة، وتوحيد البشرية، في حظيرة واحدة.

لقد جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأسلوب لا يرقى إليه أسلوب وبتعاليم تغييرية عالية المضامين حيث قرر بلسان الوحي ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. وحيث أن رسالة التوحيد محفورة في أعماق الفطرة الإنسانية لذلك فإن الدعوة إليها ليس فيها أي إكراه.

وبنفس اللسان قال اللَّه سبحانه لنبيه ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّر لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ وبذلك قد قرر حقيقة فكرية ونفسانية تقول باستحالة أحداث تحويل في المسائل التي يؤمن بها المرء من دون وجود قابل ذاتي ودافع ذاتي متجرد. وهكذا فإن القوة الغاشمة لا تولد إيمان وإنما هي تقضي على الإيمان فتلغي دور الفكر والنفس في توكيد الإيمان ليصبح المرء خاضعاً للقوة. سواء قوة السلاح أو قوة المال أو أي قوة خارجية.
على هذا النحو نحن أمام رسالة أرادت أن تحرر الفكر وتشعل ضوء الروح.

لقد أراد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يبني أمة فاضلة ليكون فيها مدينة فاضلة بسعة الأرض، على أساس أن تغيير هذه الأمة يبدأ بتغيير النفوس كما قال تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ وقد جعل طريق ذلك بالدعوة والموعظة الحسنة، وقد حقق بذلك أعظم سبل الحرية والكرامة ولولا احترام الإسلام للإنسان لما كان اعتمد هذا المنطق، ولما أعلن بالخط العريض وحدة الأمم والشعوب والمرأة والرجل قائلاً بلسان الوحي: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.

فيجب علينا أن نعلن يوم ولادة النبي يوماً لميلاد الحرية والتوحيد لفكر البشرية وحكومتها ومعبودها.
فرسالة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم هي رسالة الخلاص من كل هذا التناحر القاتل والحروب المتنوعة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع