مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

على ضفاف الآداب المعنوية للصلاة: مراتب المقامات



بما أن العبودية هي الطريق الوحيد للوصول إلى الله، فما هي الغاية التي يصل إليها الإنسان عند وصوله إلى الله؟
وما هي المقامات التي يعبرها السالك حتى يصل إلى المقام النهائي؟
من خلال التأمل في كلمات الإمام البليغة التي أجراها على صفحات كتاب الآداب المعنوية للصلاة، يتبين لنا أن العبودية هي الطريق والغاية في نفس الوقت فكيف يكن ذلك؟

إن العبودية هي الحالة القلبية التي يصل إليها السالك، حيث يسلم مدرب العالمين في كل شؤون وأبعاد حياته، طولها وعرضها. فكما أنه يطيع الله في مقام الظاهر وشؤونه الاجتماعية وعلاقاته الفردية، كذلك فإن عليه أن يجعل خياله وعقله وقلبه وسره، كلها خاضعة لله ومنقادة إليه، ولا ترى في طاعته إلا محض التسليم.
وهذا الأمر يتطلب مجاهدة كبيرة هي روح جميع الطاعات، وبتعبير آخر فإن جميع العبادات الشرعية تهدف إلى وصول الإنسان إلى هذا المقام وسر التكرار في الطاعات يرجع إلى هذا المطلب، وهو صيرورة الإنسان عبداً حقيقياً لله سبحانه.

فإذا وصل الإنسان إلى مقام التسليم والخضوع المطلق يكون قد تحقق بجوهرة العبودية، حيث لا يبقى بينه وبين الله أي حجاب، حتى حجب الأنانية والآنية.

والواقع أن معنى الوصول إلى الله إذا فهم على حقيقته يوضح لنا جميع المعاني المرتبطة بالموضوع الذي يبينه لنا الإمام. فإن قرب الله من جميع الموجودات وبالأخص الإنسان قرب حقيقي. بمعنى أن جميع الكمالات الإلهية متصلة بكل ذرات الوجود على نحو الإطلاق، وبالتالي فلا يمكن أن يتصور أن الله بعيد عنا حتى نحتاج إلى طي الطريق بهذا المعنى وعبور الوديان وما شاكل، فالله واصل إلينا وقريب منا "هو معكم أينما كنتم".
ولكننا نحن الذين نبتعد عنه بأنانيتنا، وهنا تأتي العبودية، التي هي عبارة عن تحطيم جميع الموانع الذاتية التي تحجبنا عن الله، لتجعلنا في قرب الله وواصلين إليه.

ومعنى ذلك، أن وصول الإنسان إلى مقام العبودية الحقة هو وصول بحد ذاته إلى الله، وبتعبير آخر، إذا وصل السالك إلى حيث لا يبقى بينه وبين الله أي حجاب فيكون قد وصل إلى الله.
ولهذا نجد الإمام الخميني حشرنا الله معه يستدل بحديث الإمام الصادق عليه السلام: "العبودية جوهرة كنهها الربوبية، فما فقد في العبودية وجد في الربوبية وما خفي من الربوبية أصيب في العبودية".
إن العبودية تمثل طريقاً داخل عز الربوبية ليس إليه، لأن حقيقتها وكنهها هو كنه الربوبية، حيث الوصول إلى جوار الله والتحقق بأسمائه وصفاته.
إن إدراك هذه الحقائق منوط بتحرير عقولنا من الأفكار المادية والأوهام الدنيوية، والتطلع من جديد إلى العوامل المعنوية، حيث لا مكان ولا زمان. لا مسافة ليكون السلوك بالجسم والحركات، ولا زمان ليحتاج إلى العمر. بل هو معنا أينما كنا. وما علينا إلا أن نزيل هذه الحجب نحظم تلك الأصنام.
 

يقول الإمام الخميني قدس سره:
"وليعلم أن العبودية المطلقة من أعلى مراتب الكمال وأرفع مراتبه وأعلى مقامات الإنسانية. وليس لأحد"العبودية المطلقة" منها نصيب"المطلقة" سوى الأكمل من خلق الله محمد صلى الله عليه وآله، وأولياء الله الكمّل فله صلى الله عليه وآله هذا المقام بالأصالة وللأولياء الكمّل بالتبعية..".
أما ما هي المراتب التي يعبرها السالك في طريق العبودية، فهذا ما سنشير إليه في العدد المقبل والسلام.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع