الشيخ علي حجازي
يعيش الكثيرون من المؤمنين في ساحة الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى. وقد لا يعرف بعضهم كيف يتمّ تجهيز الشهيد، فللشهيد أحكام خاصّة به، إذا توفّرت شروط خاصّة. فلا يجوز تغسيله وتحنيطه وتكفينه، بل يصلّى عليه ويُدفن بثيابه (كما سيأتي). وهناك أشخاص لا يجري عليهم حكم الشهيد، بل يثبت لهم أجر الشهيد وثوابه. وهذه المقالة لتحديد من هو الشهيد الذي يجري في حقّه حكم الشهيد وأجره، ومن لا يجري في حقِّه الحكم، وإن كان له الأجر.
1 - مَن له حكم الشهيد:
أ - لا يجوز تغسيل الشهيد وتحنيطه وتكفينه إذا توفّر الشرطان الآتيان:
الأوّل: أن يكون جهاده مع الإمام المعصوم عليه السلام، أو نائبه الخاص، أو نائبه العام (أي: الوليّ الفقيه). سواء أكان القتال مع العدوّ أم في مواجهة الفئة الباطلة الباغية، أم لحفظ بيضة الإسلام.
الثاني: خروج روحه في ساحة المعركة حين اشتعال الحرب، فلو خرجت روحه في نفس ساحة المعركة وأثناء الحرب فله حكم الشهيد، سواء أدركه المسلمون حيّاً أم لا، حتّى لو كان موته بسبب جراحه على الطريق إلى المشفى إذا كان لا يزال في أرض المعركة وساحة الحرب.
ب - لو أصيب أثناء الحرب، ولكن خرجت روحه خارج أرض المعركة، صورتان:
الأولى: أن تخرج روحه قبل أن يدركه أحد من المسلمين حيّاً فله حكم الشهيد.
الثانية: أن يدركه أحد من المسلمين وبه رمق قبل خروج روحه، فلا يترتّب عليه حكم الشهيد، نعم له أجر وثواب الشهيد.
ج - المجاهد الذي يعمل على أجهزة الاتّصالات، أو في الإعلام الحربيّ إذا قتل في أرض المعركة حين اشتعال الحرب فله حكم الشهيد.
د - العامل في مجال التبليغ إذا صدق على عمله أنّه جزء من القتال، وأنّه جزء من القوى العاملة في الجبهة فله حكم الشهيد إذا قتل هناك.
هـ - الأشخاص الذين يوجدون في ساحة الحرب وأرض المعركة من أجل إيصال المساعدات والمؤن، أو من أجل تصليح خطوط الاتّصالات، أو يقومون بالإنشاءات، وما شابه ذلك من أعمال تدخل في نطاق القوى العاملة في الجبهة، فهؤلاء إذا قُتلوا هناك لهم حكم الشهيد.
و - المجاهدون الذين يعملون بعيدين عن الخطوط الأماميّة للجبهة، إذا قتلوا نتيجة القصف ونحوه من العدوّ، فإن كان عملهم في تلك الأماكن يعدّ جزءاً من القوى العاملة في المعركة - كمن يعمل على المدفعيّة أو المضادّات الجويّة ونحو ذلك - فلهم حكم الشهيد.
ز - إذا كان المجاهد في مكان مخصّص للاستراحة، فقتل نتيجة القصف ونحوه من العدوّ، فإن كان ذلك المكان جزءاً من أرض المعركة وساحة الحرب فله حكم الشهيد.
ح ـ المجاهد الذي يُصاب بجرح أثناء المعارك في أرض المعركة، ثم يُنقل إلى المشفى ونحوه، ومات أثناء الطريق أو في المشفى، فإن كانت الطريق أو المشفى داخلين في أرض المعركة وساحة الحرب فله حكم الشهيد. وإلا فليس له حكم الشهيد، ولكن له أجر الشهيد إن شاء الله تعالى.
2 - تجهيز الشهيد:
أ - من له حكم الشهيد لا يجوز تغسيله وتحنيطه وتكفينه، بل يجب الصلاة عليه، ودفنه في ثيابه التي استشهد فيها. فلا يجوز نزع ثيابه عنه، نعم يجوز نزع ما لا يصدق عليه عنوان الثياب، كالحذاء والحزام والعمامة وغطاء الرأس الواقي.
ب - إذا كان الشهيد عارياً فيجب تكفينه، ولكن لا يجوز تغسيله ولا تحنيطه.
ج - من يجري حكم الشهيد عليه لا يفرّق فيه بين أن يدفن في أرض المعركة أو في مكان آخر.
3 - مسّ الشهيد:
الشهيد كالمغسَّل فبدنه طاهر، فلا يجب الغسل بمسّ بدنه ولا يوجب تنجيس الملاقي له مع الرطوبة.
4 - من ليس له حكم الشهيد:
أ - إذا قتل الشخص خارج أرض المعركة وساحة الحرب، نظير من يقتل اغتيالاً من قبل العدوّ أو عملائه، أو قتل نتيجة انفجار لغم زرعه العدوّ خارج أرض المعركة وساحة الحرب، أو كان اللغم مزروعاً في أرض المعركة ولكنّه انفجر فيه بعد انتهاء المعارك والحرب، أو أصيب أثناء المعارك والاشتباكات في أرض المعركة، ولكنّه قتل خارج ساحة الحرب وأرض المعركة، ولم يكن عمله هناك جزءاً من القوى العاملة في المعركة، فلا يترتّب عليه حكم الشهيد، بل له أجر الشهيد وثوابه إن شاء الله تعالى.
ب- إذا قُتل الشخص خطأً في ساحة الحرب وأرض المعركة، فلا يجري عليه حكم الشهيد؛ فيجب تغسيله وتحنيطه وتكفينه والصلاة عليه، كما يجب الغسل (غُسل مسّ الميت) بمسِّه، لو تمّ مسّه بعد برده وقبل تغسيله.
ج ـ المجاهد الذي يُقتل خارج المعركة وساحة الحرب أو في ساحة الحرب وأرض المعركة نتيجة حادث سير أو وقع من الجبل أو غرق في الماء ونحو ذلك، فهذا لا يلحقه حكم الشهيد، فيجب تغسيله وتحنيطه وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، نعم له أجر الشهيد إن شاء الله تعالى.