مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

معراج الكمال



إنّ الله جلت عظمته بمقتضى لطفه ورحمتهن وبمقتضى ربوبيته وتدبيره، وهو الخبير بأحوال عباده، والخبير بما يصلح نفوسهم، عين لهم عبادات عظيمة، وواجبات أخلاقية رفيعة.
فبالعبادات تلتفت نفوس التائهين إلى ربها ومحبوبها، وتتعلّق بخالقها، وتستعين به، فتستقرّ النفوس المضطربة وتطمئن.
 

والإنسان من دون العبادة والارتباط بالله سبحانه أشبه بريشة في مهب الريح والأمور الأخلاقية كذلك لها دورها الهام في التخلّص من الأهواء والغرائز التي لا تعرف الحدود. فنفس الإنسان بحاجة إلى ضوابط حتّى تستقيم طباعها فلا تكون مكبوتة الشهوات ولا تكون متروكة العنان.
 

ومن البديهي أنّ الله سبحانه لم يضع هذه العبادات، ولم يحدّد هذه المسائل الأخلاقية إلاّ لهدف عظيم، وهو الهدف هو تربية الإنسان وتهذيبه لنفسه وتعريفه بها، لتصبح زاكية طاهرة، وحتّى تبلغ أعلى مراتب الكمال الإنساني ولتكون عارفة لربّها حقّ المعرفة والإنسان قادر على نيل مراتب الكمال ولكلّ واحد منا مجال واسع لتحقيق هذه الغاية فلا يقتصر على أناس دون آخرين والناس جميعاً سواسية في اقتناص هذه الفرصة. وإنّ نفوس الخلائق مفطورة على حبّ الرفعة والسمو وليس على الإنسان إلاّ أن يوجّه نفسه نحو مصدر العلو والسموّ وهو الله الكبير المتعال.
 

إنّ نفس الإنسان في رحم هذه الدنيا تحتاج إلى التغذية بالعلوم والمعارف الصالحة حتّى تنمو نمواً طبيعياً وتترعرع في بيئة ربانية غير فاسدة، وإلاّ فإنّ هذه النفوس لن تستفيق بعد الموت إلاّ شقية متحسّرة، ولن تعرف طعماً للسعادة. أيّ أنّها لن تخرج من رحم الدنيا سوية الخلقة بل ستكون مشوّهة عمياء أو صمّاء أو بكماء. إذاً سيكون هذا المولود البرزخي غير كامل.
وما دامت هذه النفس غافلة عن هدفها فسيكون حظّها أن تتعذّب في الدنيا وتتعذّب في الآخرة. ولا أحد يظنّ أن الطريق مغلق أمام العامّة مفتوح أمام بعض الناس والخواص. إنّ هذا الاعتقاد هو عقبة كأداء. فالله سبحانه مقبل على المقبلين مستجيب للمستجيبين.
 

والعبادات إذا ما وفقنا لتوفير شرائطها فستكون سبيل العبودية، وبهذا تصبح العبادات معراج الكمال.
إنّ المداومة على العبادات المفروضة، التي يعتبرها الإمام الخميني "عليه الرحمة " في الطليعة إلى جانب الفرائض الأخرى، يجعل النفس تتذوّق من اللذائذ المعنويّة ما يفوق بما لا يقاس لذائذ أهل الدنيا. وإذا كان البعض يشعر بثقل العبادة وجفافها فليس عائد إلى العبادات وإنّما عائد إلى فراغها من روحها وحقيقتها وهي العبودية والإستكانة والتخشّع.
 

ولو كنّا نتوجّه في عباداتنا إلى ربّ الأرباب والنفوس نقصد بذلك التقرّب من الله فإنّنا سوف ننعم باللذات وقرة العين. وإن من أسمى الغايات العبادية تحصيل الانقطاع إلى الله والآخرة والإعراض عن حب الدنيا. فمن يسعى إلى تحصيل المقامات الدنيوية لا يمكن أن يكون قد اهتدى سبيله إلى نيل المقامات الأخروية. فما بين الدنيا والآخرة كما بين المشرق والمغرب. فالسائر بينهما كلّما اقترب من أحدهما ابتعد عن الآخر. ولكن ليس خدمة العباد وإعمار البلاد سبيلاً آخر غير سبيل أهل الآخرة، بل هو عينه إذا كان الدافع إلهياً. يقول الإمام الخميني قدس سره في وصيته لنجله السيد أحمد:
"أيّ بُني، لا تُلقِ عن كاهلك حمل المسؤولية الإنسانية التي هي خدمة الحق في صورة خدمة الخلق".


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع