﴿وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ ﴾
سيدي يا رسول الله
هو مولدك الشريف آذن بسقوط عروش الأكاسرة والقياصرة، فكنت الشاهد على الأمة الوسط.
هو نورك البهي كشف حجب النور عن أسرار مبدأ الخليفة، فأنت الصادر الأول ومجرى الفيض المنبسط.
هو ظهورك الأجلى أشرق بالحقائق التامة للشريعة الخاتمة، فالكشف تام إذ هو محمدي.
أي سر حمله الربيع إلى قلوب السالكين، وأي نور سطع على دروب السائرين، فخرجوا من بيت النفس المظلم مهاجرين إلى الله ورسوله!
إلهي!
ما سر صاحب الخلق العظيم والمقام المحمود حتى صارت الهجرة إليه هجرةً إليك؟
أوليس التوجه لغيرك شرك عند أوليائك العارفين، الذين يرددون مع نسمات السحر حين يهجع الغافلون "فأنت لا غيرك مرادي، ولك لا لسواك سهري وسهادي"!
غفرانك اللهم وعفوك.
عبدك الجاهل حدثته نفسه بما لا يعلم، فاغفر له ما تعلم. كأني لم تقرع آذاني نغماتُ أنفاسٍ لحنتها أوتار المصطفى صاحب الكوثر الفياض "يا علي ما عرفني إلا الله وأنت".
يا رسول الله
ما أعظم شأنك في تقلّب وجهك في السماء، فولاّك المولى وجهة ترضاها، وولى وجهك ومن اتبعك شطر المسجد الحرام!
وما أسمى مقامك إذ الفقر فخرك وبه افتخرت على جميع الأنبياء والمرسلين، وبه عرجت إلى سدرة المنتهى حيث تحطمت آمال أمين الملائكة قبل ذلك عند قاب قوسين أو أدنى، إذ لو اقترب قيد أنملة لاضمحلّ واحترق.
يا رسول الله
كيف لا: وقد أفنيت إرادتك في إرادة المحبوب فكنت الحبيب.
وأفنيت أنيتك في أنية الحق تعالى، فكان الموت والعدم المطلق، بل الموت عن الموت.
فلا ضير بعد ذلك ولا شرك، إن المهاجر إليك مهاجر إلى الله.
و "قل جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد".
والسلام