مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

كشكول الأدب

إبراهيم منصور


*فائدة لُغويَّة
لا تقُلْ: "أَيْ والله"، بل قُلْ: "إي والله"؛ لأنّ "إي" حرف بمعنى "نَعم"، والصوابُ كسْرُ همزتها. والناس كثيراً ما يقولون: "أَيْ" بفتح الهمزة، وهو خطأ شائع(1).

*قصَّة وعِبْرة
يُحكَى أن ملكاً حارب البلاد التي تجاورُ بلده، وانتصر عليها، وأسرَ أربعةً من ملوكها، فَرَبَطَهُم إلى عربته الملكيَّة ليجرُّوها بدلاً من الخيول، لكنه لاحظ أنّ أحد هؤلاء الملوك يُطيل النظر إلى إطارات العرَبة، فأوقفها وسأله: لماذا تلتفت وراءك كثيراً وتتأمّل إطارات العربة؟ فأجابه الملكُ الأسير: إني أرى في دَوَران الإطارات ما يخفّفُ عني وأنا في هذه الحالة، فالإطارُ دائرةٌ لا تستقرُّ على حال واحدة، فالجزءُ الأسفلُ منه يدورُ إلى أن يُصبح عالياً، والجزء العالي يدورُ ليُصبح إلى أسفل.
عَرَفَ الملكُ المنتصرُ تلك الحكمة وقال: وكذلك تدورُ الدنيا، إنني الآن في المكان العالي، وأنتم في المكان الأسفل، ولا أدري غداً أين أكون. ثمَّ نزلَ وأطلق سراح هؤلاء الملوك(2).

*مفردات ثريَّة بالمعاني
من غرائب اللغة العربية أنَّ فيها مفرداتٍ تُفيدُ معانيَ تأبى الحَصْرَ وتربو على التعداد، وهذا ما يندرُ نظيرُه في بقية اللغات، والله أعلم. من تلك المفردات كلمةُ "العَيْن":
فالعين: هي الباصرةُ، وتُطلَقُ على الحدَقَة أو على الجفن. والعين: حاسَّةُ البصر، يُقال: هو قويُّ العين، أي حاسَّة بصره قوَّية. ومن معاني العين الإصابةُ في العين، فيُقال: به عين، أي إصابةٌ في عينه. والعين: هي الإنسان نفسُه، ومنه: ما بالدار عَيْن، أي أحد. وكلُّ عزيزٍ ونفيسٍ هو عين، فعيون الشعر: أجملُ القصائد أو الأبيات.
والعَلَمُ -سواءٌ الراية أو الجبل العالي أو المنارة- هو عين، لأنه يُرَى من بعيد، ويُهْتَدَى به.

والعين: هي الدائرة الرقيقة على الجِلد. والسيّد الشريف: عينُ قومه. ورئيسُ الجيش: عينُه، وكذلك طليعةُ الجيش، لأنّها أوَّل ما يطَّلع على الأعداء، وتستطلعُ الكمائن. والدَّيْدَبان(3) والجاسوس: عين، لأنّ الجاسوس يعتمد على عينه في التجسُّس، فكأنّ كيانه كلَّه قد اختُصِرَ بعينه. والشمسُ: عين، وشعاعُها الذي لا تَثْبُتُ عليه عين، هو عين. ومَنْظَرُ الرجل: عين، يُقال: هو عبدُ عين، أو صديق عين: أي يخدمُ ويصادق رِئاءً ونِفاقاً، فكأنه، فقط، أمامَ عينك، صديق.

والعينُ: هي الأَثَر، يقال: صارَ خَبَراً، أو أثراً، بعد عين، أي بعد مُعاينة. والقَصْدُ أو العَمْدُ: هو عين، ومنه: فَعَلَه على عين، أو عَمْداً على عين، أي تعمَّد فِعله بجِدٍّ ويقين. ويُقال: فَقَأَ عينَه، أي صَكَّه وأغلظ له في القول، ومنه: "فقأ فلان عينَ الفتنة". و"نَعِمَ الله بكَ عيناً"، أي أَنْعَمَها. وعين الإبرةِ: ثُقبُها(4) وعينُ الماء: النبعُ.
وفي العين عيونٌ من المعاني، ثَرَّهٌ لا تنضَب!


*من أمثال العرب
لا في العِير ولا في النَّفير؛ أوَّل من قال هذا المثل أبو سفيان بن حرب، وذلك أنه قادَ عِيراً (قافلةً) لقريش من الشام إلى مكّة، فتقدَّمَ المسلمون من المدينة ليقطعوا الطريق على القافلة، فأرسل أبو سفيان إلى قريش يستحثُّهم على القدوم للمدافعة عن العِير ومقاتلة المسلمين. وكان أن أعلنتْ قريش النفير، أي: الحرب على المسلمين، لكنّ أبا سفيان هربَ بالعِير متخذاً طريق الساحل على البحر، ورأى في طريقه جماعة من بني زهرة، وهم من قريش كفّار مكّة يومئذٍ، فقال لهم: "يا بني زهرة، لا في العير ولا في النفير!"، أي لا أنتم في قافلتنا (العِير) ولا في جيش قريش (النفير) الذي يقاتل المسلمين، فذهب قوله مثلاً. يُضرَبُ للرجل الحياديّ الذي لا يتَّخذ موقفاً، للحطِّ من أمره وتصغير قَدْرِه(5).

*من أجمل الشعر
من أجمل الشعر وأصدقه التزاماً ما رواه ابن أبي الحديد عن عمّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أبي طالب، وابنه عليّ عليه السلام، حيث يقول: وكان أبو طالب كثيراً ما يخاف على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم البيات (في شِعْب أبي طالب بمكَّة) إذا عُرِفَ مضجعُه، يُقيمه ليلاً من منامه، ويُضجِعُ ابنه عليّاً مكانه. فقال له عليٌّ ليلةً:
- يا أبتِ، إني مقتول؟
فقال له أبوه:

قدَّرَ الله والبلاءُ شديدٌ لفداءِ الحبيبِ وابنِ الحبيبِ
إن تُصبْكَ المنون فالنبْلُ تبرى فمُصيبٌ منها وغيرُ مُصيبِ
كلُّ حيٍّ وإن تحلّى بعُمْرٍ آخذٌ من مذاقها بنصيبِ

فأجابه عليّ عليه السلام:

أتأمرني بالصبرِ في نصرِ أحمدٍ ووالله ما قلتُ الذي قلتُ جازعا
ولكنّني أحببتُ أن ترى نصرتي وتعلمَ أني لم أزَلْ لك طائعا
سأسعى لوجه الله في نصر أحمدٍ نبيِّ الهدى المحمودِ طفلاً ويافعا(6)

*من نوادر العرب
حُكي أنّ قوماً كانوا يأكلون سَمَكاً، في المدينة، فاستأذنَ للدخول عليهم "أشعبُ"، وكان معروفاً بالطمع والشَّرَه. فخاف القومُ أن يأكل أشعبُ السمكاتِ الكبيرات. لذا جعلوها في طبق، ووضعوا الطبق في زاوية المجلس، ثم سمحوا لأشعب بالدخول. فلمّا استقرَّ به المجلس بينهم، قال:
- أريدُ، والله، أن أنتقم من الأسماك؛ لأنها أكَلتْ والدي عندما غرق في البحر. فضحكوا ودَعْوه لمشاركتهم. ولكنه عندما رأى السمكات الكبيرات وقد نُحِّيَتْ في زاوية المجلس، رفع سمكةَ صغيرة إلى أُذنه، كأنه يستمعُ إلى حديثها. فقالوا له مُمازحين:
- ماذا تقولُ لكَ السمكة، يا أشعب؟ فقال:
- تقول لي: أنا سمكةٌ صغيرة، لم أُدرك والدَكَ لآكله. ولكنْ عليكَ بالسمكات الكبيرات، هي التي أكلت والدك، فانتقِم منها.
فضحك القومُ، وأَتَوه بطبق السمك الكبير.

*مفردات متقاربة لفظاً ومعنى
- نَصَعَ ونَطَعَ: نَصَعَ اللونُ: اشتدَّ، والناصعُ هو اللون الخالصُ الصافي، خصوصاً الأبيض. وكذلك الناطع، يُقال: بياضٌ ناطع، أي خالصٌ صافٍ.
- وَقَظَ ووَقَذَ: وقَظَهُ = وقَذَهُ = ضرَبَه ضرباً شديداً مُهلِكاً حتى يُشرِفَ على الموت.
- الخَصاصةُ والخُصاصة: الخَصاصة: الفقرُ وسوءُ الحال، يُقال: جَبَرْتُ خَصَاصةَ فلان: أي سدَدْتُ حاجتَه. والخُصاصة: ما يتبقّى في الكرْم من العنب، أي الشيء القليل.


1.معجم الأدباء، ياقوت الرومي، مجلد 20، هامش الصفحة 54.
2.عالم الحيوان، د. سمير كبريت، ص43.
3.الدَّيْدَبان والدَّيْدُبان والدَّيدب: الدليل - الرقيب - الطليعة (فارسية).
4.المنجد، مادة عين.
5.مجمع الأمثال، الميداني، ج3، ص196.
6.ليالي بيشاور، نقلاً عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج 14، ص 64.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع