بمَ ينتصر الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف؟ (1)* أخلاقنا | الكبر الرداء المحرّم (2)* تسابيح جراح | نور إرادتي أقوى من ظلام عينَيّ الشهيد القائد إبراهيم محمّد قبيسي (الحاج أبو موسى) صحة وحياة | كيف نتجاوز ألم الفقد؟ كشكول الأدب تحقيق | الشهادة ميراثٌ عظيم (2) بيئة | حربٌ على الشجر أيضاً عوائل الشهداء: لن يكسرنا الغياب لتكن علاقاتنا الاجتماعيّة مصدر أنس ٍوعافية

مع الإمام الخامنئي | الغدير: يوم حاكميّة الإسلام*

 

جاء في أوائل سورة المائدة: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ﴾ (المائدة: 3)؛ أي إنّ يوم الثامن عشر من ذي الحجّة من العام الهجريّ [القمريّ] العاشر، يوم إعلان خلافة أمير المؤمنين عليه السلام؛ هو اليوم الذي يئس فيه الكفّار من القضاء على دين الإسلام المبين، فجاءت الآية لتقول: لا تأخذكم الرهبة من الكفّار بعد الآن، لا تكترثوا لممارساتهم واستعلائهم، التفتوا إلى أعمالكم في محضر الله.

* الإمامة أعلى من مقام الرسالة
ما الذي جعل الكفّار ييأسون؟ إنّه استمرار «الحاكميّة السياسيّة للإسلام» وديمومتها.

إنّ التحقّق الواقعيّ لروح الإسلام هو في ظلّ حاكميّته، و«الإمامة» هي روح الدين وإحدى المراتب المهمّة لشؤون رسل الله؛ ومعنى ذلك أنّ كلّ الرسل هم أئمّة، ويتمتّعون بمقام الإمامة، التي هي أعلى من مقام الرسالة. تتمثّل مهمّة الرسول في تبليغ الناس الرسالة الإلهيّة، بينما تتجلّى إمامته في إيصال هذه الرسالة إلى قلوب الناس وأفكارهم وأفعالهم وسلوكهم. هذا معنى الإمامة.

* النبيّ إبراهيم عليه السلام إماماً
تلاحظون أنّ الله المتعالي قال لإبراهيم عليه السلام بعد كلّ تلك الاختبارات الصعبة التي تعرّض لها في أواخر عمره: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾؛ الآن وصلت إلى مقام الإمامة. لماذا في آخر عمره؟ لأنّه يقول بعد ذلك: ﴿قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ (البقرة: 124)؟ أي «هل ستكون هذه الإمامة في ذرّيتي أيضاً؟»، وهو ما أجابه الله المتعالي عنه. وكما هو معروف، فإنّ إبراهيم عليه السلام لم يُرزق بالذريّة إلّا في شيخوخته. هذا معنى الإمامة.

* الإمامة والحياة السياسيّة
لقد جعل النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هذه الإمامة دائمة ومستمرّة بأمر إلهيّ، لكن شرط اقترانها بالحاكميّة السياسيّة؛ فيتحقّق، بالتالي، النموذج الإسلاميّ في المجتمع. ولذلك، يعلن صلى الله عليه وآله وسلم الخلافة والولاية: «من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه»(1). أمّا إذا زالت حاكميّة الإسلام السياسيّة، فإنّ الخسارة الكبيرة تكمن حينئذ في تضييع العيش الإسلاميّ والحياة الاجتماعيّة الإسلاميّة.

* معنى «الحياة الإسلاميّة»
ما معنى «الحياة الإسلاميّة»؟ وما هي طريقة الحياة الاجتماعيّة الإسلاميّة؟

يمكن العثور على الإجابة في القرآن، ونهج البلاغة، والروايات. تجد نموذجاً لهذا النمط في قوله تعالى: ﴿لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ (الحديد: 25)، أي «العدالة»، وفي قوله تعالى: ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ﴾ (الفتح: 29)، أي «ترسيم الحدود مع العدوّ»، وفي قوله تعالى: ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ (الفتح، 29)، أي «عطف المؤمنين بعضهم على بعض». هذه هي الخطوط الرئيسة، فإذا أهملنا أيّاً منها، ولم نتدارك ذلك وبقيت مهملة، حدث خلل في نموذج الحياة الإسلاميّة.

كذلك، تجد نموذجاً لهذا النمط في قوله تعالى: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ (التوبة: 128)؛ ويعني أنّ حاكم المجتمع يدرك معاناة الناس، ويشعر بها بكلّ كيانه ومن أعماق قلبه، فالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يتألّم لما تقاسونه من مشقّات.

في الواقع، لقد قدّم الغدير نمط الحياة الإسلاميّة هديّة وتذكاراً من أجل ديمومة التاريخ الإسلاميّ. أمّا ما جرى بعد الغدير، فنقاشات أخرى.

*من كلمة الإمام الخامنئيّ دام ظله بتاريخ 25/06/2024م.
(1) حديث الغدير المتواتر.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع