نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مع الإمام الخامنئي: الصلاة جنّة اللقاء

إقامة الصلاة، هي أولى ثمرات وآثار حكومة الصالحين. وتأتي الزكاة، التي تعتبر بمثابة تنظيم للأمور المالية في المجتمع وسبباً للقضاء على الفقر، في المرتبة الثانية، وكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يسوق إلى فعل الخيرات ويمنع المنكرات ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ (الحج: 41).

* قلوبٌ تحيا بذكر الله
فإقامة الصلاة لا تعني أداء الصالحين لها فقط. إنها عمود الدين، ويجب إقامة عمود الدين في كل المجتمع. يجب أن يتعرّف الجميع إلى أسرارها ورموزها ويغترفوا من معينها.

إنّ تألُّق بريق عالم المعنى وصفاء الذكر الإلهي من خلال الصلاة يُضيء ويُطهّر جميع آفاق وأجواء المجتمع، فتُسارع الأرواح والأبدان معاً إليها لتجد عندها الطمأنينة والاستقرار.

والصلاة، الركن الأساس للدِّين، ويجب أن تحتلّ المكانة الأساسيّة في حياة الناس، لأنّ الحياة الإنسانيّة الطيّبة في ظلّ الحكم الإلهي تتحقّق حينما يُبقي الناس قلوبهم حيّةً بذكر الله، وحينها يتمكّنون من مكافحة جميع عِلل الاندفاع نحو الشرِّ والفساد ويصبح بمقدورهم تحطيم جميع الأصنام وقطع الأيدي المعتدية لجميع الشياطين الباطنيّة والظاهريّة عن وجودهم.

وهذا الذكر وهذا الحضور المستمر بين يدي الله لا يتحقّق إلّا ببركة الصلاة، لأنها- في الحقيقة- السند القوي للإنسان، وهي ذخيرته التي لا تنفد في مواجهته التي يخوضها مع شيطان نفسه، والذي يجرّه نحو الذلِّ والهاوية، أو مع شياطين السلطة الذين يحاولون دفعه نحو الذلِّ والاستسلام بالإكراه والمال.

*كنزٌ ثمين
فلا توجد وسيلة لارتباط الإنسان مع الله أقوى وأدوم من الصلاة، فأقّل الناس معرفة يبتدئون علاقاتهم مع الله بواسطة الصلاة؛ كما إنّ أبرز أولياء الله يبحثون عن جنّة خلوتهم بالحبيب، عن طريق الصلاة أيضاً. فهذا الكنز الثمين من الذكر والدعاء لا ينضب أبداً، وإنّ كلّ من اطّلع عليه أكثر، وجد فيه إشعاعاً وتلألؤاً أكبر، وإنّ كلّ فقرة من كلمات وأذكار الصلاة هي خلاصة تشير إلى جزء من المعارف الدينية، التي تذكّر المصلّي بصورة متكرّرة ومتتالية.

إن صلاةً تقامُ مع التدبّر في المعاني دون سهو أو غفلة، تزيد من معرفة الإنسان بالمعارف الإلهية يوماً بعد يوم وتقوِّي ارتباطه بها أكثر فأكثر.

فالنورانيّة المكنونة في الصلاة، وأسرارها ورموزها، والدروس التي تحتويها، ودورها في بناء الفرد والمجتمع، لا يمكن الحديث عنها في مقال مقتضب، بل ليست بالصورة التي يمكن أن يُكشف عمّا في أعماقها.

ما أريد قوله- على الرّغم من معرفتي القليلة وقلمي القاصر- هو أن مجتمعنا وشعبنا، ولا سيّما الشباب الذين أخذوا على عاتقهم حمل أمانة ثقيلة، يجب أن يعتبروا مصدراً أبديّاً للقوّة والاقتدار. فنحن، اليوم، بحاجة إلى سند قوّي، عامِر بذكر الله، ويعطينا الأمل والثقة به تعالى. والصلاة هي ذلك النبع الفيّاض الذي يمنحنا هذا الأمل وهذه الثقة والقدرة المعنوية.

*هذه الصلاة.. تنقذ
فصلاةٌ بحضور قلب وتوجّهٍ إلى الله، وصلاةٌ مشحونةٌ بذكر الله، وصلاةٌ يخاطب فيها العبد ربّه، وصلاةٌ تُعلِّم الإنسان دوماً أسمى معارف الإسلام، هي الصلاة التي تُنقذ الإنسان من الضّعف والضياع، وتضيء أفق الحياة أمام عينيه وتمنحه الهمّة والإرادة والهدف، وتُنقذ قلبه من الميل نحو الانحراف والذلِّ والمعصية.

ولهذا، ينبغي أن لا نبتعد بالصلاة عن أن تكون أولويّة في جميع الحالات والظروف، حتّى في ساحة القتال، وفي أكبر اختبارات الحياة التي يتعرّض لها الإنسان.

فالإنسان بحاجة إلى الصلاة دوماً. وفي ميادين الخطر يكون إليها أحوج. وقد حدث- في الحقيقة- كثير من التقصير في مسألة التعريف بالصلاة. ونتيجةً لذلك فإنّ الصلاة لم تأخذ مكانتها الحقيقية حتّى في نظامنا الإسلامي. وهذه المسؤولية الثقيلة تقع على عاتق العلماء والمطّلعين على المعارف الإسلامية لتعريف الصلاة بطريقة أفضل للجميع وخصوصاً الشباب.

*معرفة الصلاة وأسرارها
ابتداءً بتلميذ المرحلة الابتدائية وانتهاءً بالباحث في مرحلة الدراسات العليا، يستطيع (الإنسان)- كلُّ حسب مستواه الفكري- أن يخطو خطوات لمعرفة الصلاة وأسرارها والاطّلاع على الجوانب المجهولة فيها؛ فحتّى العرفاء الكبار كتبوا وعلّموا أسرار الصلاة لسالكي وادي طريق المعرفة، وهذا يعني أنّ أعماق هذا البحر ما زالت مجهولة وقابلة للغور فيها.

فيجب أن يُفتح فصل مهمّ وعلى جميع المستويات من أجل التعريف بالصلاة، وعلى وسائل الإعلام- ولا سيّما الإذاعة والتلفزيون- أن تُعرِّف وتذكِّر بالصلاة وبأساليب مختلفة ومتنوّعة، وأن تكون لها الأولويّة في كلّ مكان وبصورة مستمرة، وأن يظهر الشوق والتعطّش إلى ذكر الله في القلوب.

لا بدّ أن تأخذ الصلاة مكانتها الحقيقية في دروس الدِّين في المدارس والجامعات، ومن الضروري إعداد الأبحاث في "باب معرفة الصلاة" ووضعها في متناول أفكار طلّاب المدارس والجامعات، وأن تُعرض- بلغة الفن- فلسفة الصلاة وتفسير أسرارها ورموزها على الجميع؛ ليتمتَّع بها كلُّ فرد حسب إمكانيّاته وقابليّاته. ويجب أن تؤلَّف الكتب- في هذا المجال- من قِبل العلماء والمحقّقين وعلى مختلف المستويات ووفق آراء مختلفة، وأن تكون تلك الكتب أساساً لأعمال فنيَّة وأدبيّة، وأن يُفتح فصل مستقلّ من أجل تسهيل أداء الصلاة، وأن تكون المساجد وأماكن إقامة الصلاة باعثةً للرغبة في النفوس، وأن تقام الصلاة جماعةً وفي أوقات الفضيلة.

أضيف في: | عدد المشاهدات: