الشيخ حسان سويدان
إنّ الدعاء للإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، سواء بتعجيل فرجه أو الدعاء بحفظه عجل الله تعالى فرجه الشريف، مطلوب ما دام الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف غائباً مغيّباً. وعلى الرغم من أنّ الدعاء ليس له حدّ، وليس مشروطاً بزمان ومكان خاصّين؛ إلّا أنّ هذا لا يلغي شرافة الأمكنة والأزمنة. يتناول هذا المقال بيان الأزمنة التي يُستحب فيها الدعاء لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.
* أوقات مرتبطة بالصلاة
ثمّة أوقات خاصّة يستحبّ فيها الدعاء للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، وهي ترتبط بالصلاة:
1. بعد كلّ فريضة: نذكر ما رواه الشيخ الكليني مرسلاً عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: "إِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَقُلْ: رَضِيتُ بِاللَّه رَبّاً وبِمُحَمَّدٍ نَبِيّاً وبِالإِسْلَامِ دِيناً (......) اللَّهُمَّ وَلِيُّكَ فُلَانٌ فَاحْفَظْه مِنْ بَيْنِ يَدَيْه ومِنْ خَلْفِه وعَنْ يَمِينِه وعَنْ شِمَالِه ومِنْ فَوْقِه ومِنْ تَحْتِه، وامْدُدْ لَه فِي عُمُرِه واجْعَلْه الْقَائِمَ بِأَمْرِكَ والْمُنْتَصِرَ لِدِينِكَ، وأَرِه مَا يُحِبُّ ومَا تَقَرُّ بِه عَيْنُه فِي نَفْسِه وذُرِّيَّتِه وفِي أَهْلِه ومَالِه وفِي شِيعَتِه وفِي عَدُوِّه، وأَرِهِمْ مِنْه مَا يَحْذَرُونَ، وأَرِه فِيهِمْ مَا يُحِبُّ وتَقَرُّ بِه عَيْنُه واشْفِ صُدُورَنَا وصُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ..."(1). فذِكْر الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف له خصوصيّة بعد كلّ فريضة وكلّ صلاة مكتوبة، فإمّا أن يدعو الإنسان المؤمن بهذا الدعاء أو بما جرى على لسانه كدعاء الحُجّة.
2. بعد صلاة الفجر: روي في تعقيب صلاة الصبح، أن يقول الفرد مائة مرّة قبل أن يتكلّم: "يا ربّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجل فرج آل محمّد وأعتق رقبتي من النار"(2).
3. بعد صلاة الظهر: عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ من قال بعد صلاة الصبح والظهر: اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم، لم يمت حتّى يدرك القائم عليه السلام"(3).
4. بعد صلاة العصر: ينقل ابن طاووس (رضي الله عنه) ما رواه يحيى بن الفضل النوفلي، قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر ببغداد، حين فرغ من صلاة العصر، فرفع يديه إلى السماء وسمعته يقول: "أنت الله لا إله إلا أنت الأوّل والآخر والظاهر والباطن... أسألك باسمك المكنون المخزون الحيّ القيّوم، الذي لا يخيب من سألك به، أسألك أن تصلّي على محمّد وآله وأن تعجّل فرج المنتقم من أعدائك، وأنجز له ما وعدته يا ذا الجلال والإكرام"(4).
5. بعد صلاة الليل: بعد كلّ ركعتين من صلاة الليل، كما ذكر الأصفهاني في مكيال المكارم(5).
6. في قنوت الصلوات مطلقاً: ويشهد بذلك دعاء الأئمّة عليهم السلام في جملة من القنوتات المأثورة عنهم، وأفضل كتاب ينقل قنوتاتهم عليهم السلام وأدعيتهم للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف هو كتاب مهج الدعوات.
7. في السجود: يطلب المؤمن في السجود من الله تعالى الكثير من الحوائج، وأهمّها تعجيل فرج الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف. ومن ذلك ما يرويه الشيخ المفيد في كتاب المقنعة: "اللهم إليك توجّهت، وبك اعتصمت، وعليك توكّلت. اللهم أنت ثقتي ورجائي، فاكفني ما أهمّني وما لم يهمّني وما أنت أعلم به منّي، عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، ولا إله غيرك، صلِّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم"(6).
8. في سجدة الشكر: بعد صلاة الليل أو بعد الصلاة المفروضة، وقد ورد فيها أدعية عديدة.
* أوقات عامّة
يلاحظ أنّ هذه الأوقات تحيط بحياة المؤمن؛ ليكون مستحضراً إمامه في شؤون يومه عامة، وهي:
1. يوم عرفة: هو يوم دعاء وعبادة، ويستحبّ للإنسان أن يطلب من الله أعظم حاجة له، وهي تعجيل فرج محمّد وآل محمّد صلوات عليهم أجمعين.
2. في كلّ صباح ومساء.
3. الساعة الأخيرة من نهار كلّ يوم: يستحبّ قراءة هذا الدعاء: "يا من توحّد بنفسه عن خلقه، يا من غني عن خلقه بصنعه، يا من عرّف نفسه خلقه بلطفه، يا من سلك بأهل طاعته مرضاته، يا من أعان أهل محبّته على شكره، يا من منّ عليهم بدينه ولطف لهم بنائله؛ أسألك بحقّ وليّك الخلف الصالح، وأتضرّع إليك به وأقدّمه بين يديّ حوائجي، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تفعل بي كذا وكذا"(7).
4. يوم الخميس: ويشهد على الاهتمام فيه بالدعاء لتعجيل فرج مولانا عجل الله تعالى فرجه الشريف ما رواه السيّد ابن طاووس في جمال الأسبوع، قال: "ومن وظائف يوم الخميس أنّه يستحبّ أن يصلّي فيه الإنسان على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ألف مرّة، ويستحبّ أن يقول: اللهم صلِّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم"(8).
5. ليلة الجمعة: هي أشرف ليلة في الأسبوع، وهي ليلة عيد المسلمين جميعاً، وليلة عرض الأعمال على الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف. وقد ورد أنّه من أعمال ليلة الجمعة أن يقال مائة مرّة: "اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم وأهلك عدوّهم من الجنّ والإنسّ من الأوّلين والآخرين".
* خصوصيّة يوم الجمعة
هو يوم الجائزة الإلهيّة ويوم التجلّي الأعظم، وهو يوم عبادة من الصباح إلى الغروب، والمشهور أنّ آخر ساعة منه خاصّةٌ بالإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف ؛ لورود الدعاء له عجل الله تعالى فرجه الشريف في تلك الأوقات عن الأئمّة الهداة عليهم السلام. وليوم الجمعة خصوصيّة عند الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، فهو يوم ولادته، ويوم شهادة أبيه الإمام العسكريّ عليه السلام، وانتقال الإمامة إليه، وظهوره، وإقامة دولته،... وثمّة أدعية خاصّة بكلّ هذه الأوقات:
1.بعد صلاة الصبح: نقرأ: "اللّهم وكن لوليّك في خلقك وليّاً وحافظاً وقائداً وناصراً حتّى تسكنه أرضك طوعاً وتمتّعه منها طويلاً، وتجعله وذريّته فيها الأئمّة الوارثين، واجمع له شمله، وأكمل له أمره، وأصلح له رعيّته، وثبّت ركنه، وأفرغ النصر منك عليه..."(9).
2. عند صلاة الظهر وبعد صلاة العصر: روى السيّد ابن طاووس بإسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إذا كان يوم القيامة، بعث الله تعالى الأيّام ويبعث الجمعة أمامها كالعروس ذات كمال وجمال، تهدى إلى ذي دين ومال، فتقف على باب الجنّة والأيّام خلفها فيشفع لكلّ من أكثر الصلاة فيها على محمّد وآل محمّد عليهم السلام. قال ابن سنان: فقلت كم الكثير في هذا؟ وفي أيّ زمان أوقات الجمعة أفضل؟ قال عليه السلام مائة مرّة، وليكن ذلك بعد العصر. قال: وكيف أقولها؟ قال عليه السلام: تقول: اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم مائة مرّة"(10).
ثمّة مزيد من الأوقات التي يُستحب فيها الدعاء للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، تجدونها في العدد القادم، بإذن الله.
1- الشيخ الكليني، الكافي، ج 2، ص 548.
2- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 83، ص133.
3- الأصفهاني، مكيال المكارم، ج 2، ص 11.
4- المصدر نفسه، ج 2، ص 14.
5- راجع: الأصفهاني، مصدر سابق، ج 2، ص 14.
6- الشيخ المفيد، المقنعة، ص 108.
7- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص517-518.
8- السيّد ابن طاووس، جمال الأسبوع، ص 121.
9- العلامة المجلسي، مصدر سابق، ج86، ص340.
10- السيّد ابن طاووس، مصدر سابق، ص 277.