مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الافتتاحية: الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف يُعاتبنا


الشيخ بلال حسين ناصر الدين


قليلة هي الكلمات والرسائل التي وصلتنا عن صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، إلّا أنّ ما وصلنا عنه كافٍ لأن يوضّح صورة المسار الذي ينبغي أن يكون عليه الموالون في عصر غيبته الكبرى، وهم الذين يعاهدونه في صباح كلّ جمعة وكلّ يوم، بأن يكونوا من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه.

إنّ فقرة ممّا ورد عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف، كفيلةٌ بأن تحدّد وظائف جليلة في عصر الغيبة، ينبغي للموالين اتّباعها والالتزام بها، ومن ذلك قوله في رسالته للشيخ المفيد (رضوان الله عليه) -وهو من كبار علماء الشيعة في القرنين الرابع والخامس الهجريّين-: "لو أنّ أشياعنا -وفّقهم الله لطاعته- على اجتماعٍ من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، لما تأخّر عنهم اليُمنُ بلقائنا"(1). فإنّ في هذه الفقرة مفاهيم ثلاثة:

أولها: يرتبط بكلمة "أشياعنا"؛ حيث إنّه عجل الله تعالى فرجه الشريف لم يقل "أشياعي"، بل قال "أشياعنا"، وفي ذلك على ما يبدو، إشارةٌ إلى أنّ اتّباعه إنّما هو اتّباع بالملازمة لكلّ من سبقه من الأئمّة الأطهار والأوصياء والأنبياء والمرسلين عليهم السلام، الذين حملوا لواء الحقّ ونهضوا في وجه الباطل، وكانوا يرومون دوماً إلى إقامة العدل والقسط بين عباد الله، فمن كان مشايعاً للإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، فهو حكماً مشايعٌ للنبيّ موسى عليه السلام والنبيّ عيسى عليه السلام والنبيّ الأكرم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا يدلّ على أنّ حركته تختزن كلّ حركة التاريخ الثائر والثائرين، والصالحين والمصلحين عبر العصور.

وثانيها: نستفيده من قوله عجل الله تعالى فرجه الشريف: "وفّقهم الله لطاعته"، حيث إنّ هذه الكلمة تختزن معنىً جليلاً وعظيماً، ألا وهو حرص المؤمن على المؤمن، في أن يحبّ له الخير والتوفيق والسداد، في طاعة الله والتزام سننه وأحكامه، فيدعو له في ظهر الغيب لعلّ الله تعالى بفضله وكرمه يمنّ عليه بالتوفيق، وهذا من أرفع الآداب والصفات التي يتحلّى بها المؤمنون. ولم يغفل عجل الله تعالى فرجه الشريف في كلماته هذه، أن يدعو لأتباعه ومحبّيه بالتوفيق لطاعة الله، وهو صاحب القلب المحبّ والنفس النقيّة.

وثالثها: يكمن في إشارته التي تحمل في طيّاتها نوعاً من العتاب، إلى أنّ مواليه وشيعته لو كانوا على اجتماعٍ من القلوب في الوفاء بالعهد الذي عاهدوه عليه، لما تأخّر عنهم اليُمنُ بلقائه. وبهذا فقد أوضحَ عجل الله تعالى فرجه الشريف سبباً آخر من أسباب تأخّر ظهوره وخروجه، ألا وهو عدم توافق قلوبهم. وفي ذلك مسؤوليّة عظمى، تُلقى على عاتق كلّ الموالين، على اختلاف مشاربهم، القوميّة منها وغيرها، عرباً كانوا أم فرساً أم تُركاً، ينتمون إلى الحزب السياسيّ هذا، أم إلى التيار السياسيّ ذاك، بأن يكونوا متّحدين متآلفين، على الصعيد الفرديّ، فلا يحمل أحدُهم غلّاً على آخر، ولا يسعى في سبيل إيذائه أو إهانته أو تسقيط أمره وسمعته بين الناس، وعلى الصعيد الجماعيّ، كأن لا يقفوا في وجه بعضهم بعضاً في القضايا المحقّة، وأن تتّحد بوصلة حركتهم جميعاً نحو ما عاهدوا الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف عليه، من النصرة والتمهيد لقيام دولته المباركة.

1- الشيخ المفيد، المزار، ص 11.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع