حسن نعيم
يبدو أنه بات علينا أن نقلب عبارة الشاعر أحمد شوقي الشهيرة عن الكتاب القائلة "كلما عتقته جددني" لتصبح كلما جددته عتقني.
فإن دراسة نشرتها صحيفة "لوموند" الفرنسية ضمن باب كتاب تتضمن أرقاماً دقيقة عن هزائم الكتاب الورقي أمام جبروت الشاشة.
إذا كانت تلك العجوز الفرنسية الحائزة على شهادة دكتوراه من السوربون عن أطروحة قرأت من أجلها أكثر من ألف كتاب. قد استقبلت أرقام هذه الدراسة كما تستقبل ورقة النعوة وأعرضت عن الدعوة إلى مراسم دفن الكلمة المكتوبة فإنها بلا شك قد قرأت على نفس الورقة خبر ولادة الكتاب الإلكتروني الذي يستوعب عشرات الكتب.
أما نحن هنا فإن قلقنا على شمس الكتاب الورقي من أن تغيب حتماً، ليس من الحروف الالكترونية وإنما الخوف كل الخوف من ديكتاورية الصورة، التي تدخل بيوتنا دونما استئذان لتصفح عيون أطفالنا بسمومها الأخطر من الأشعة ما فوق البنفسجية.
كتابنا مرتاح على رفوف لمكتبات مكتف بدوره التزييني. ومطابعنا تستكثر ثلاثة آلاف نسخة على حوالي ثلاثة ملايين عربي، وتأتي هذه الشاشة المتجبرة لتتباهى عليه على لسان باحث من عيار "رومان مينالدي" بأن مشاهديها يستطيعون متابعة كل تاريخ القرن العشرين عبر أربعين شريط فيديو فقط.
إزاء هذا العرض العضلاتي ألا يحق لنا أن نقلق على كتابنا الذي تربينا عليه وعشقنا حبره ورائحته والهوامش؟!!