* إفطار على مائدة الشهادة
عماد عواضة
مهداة إلى العائلة الشهيدة في البقاع التي استشهدت في جنتا شهر رمضان 1999
كانوا... ستة... وكان الرضيع... وكانت الأم...
وكانوا...
يجمعهم الحلم... والتعب...
كانوا ستة في تاريخ الغارة...
وكان الرضيع ينظر إلى وجه أمه...
يناغيها... وتناغيه
يبتسم ثغره... ويهرول إلى حضنها...
يندلق الحنين.. تفرغ له قلبها..
سريراً... ودفئاً... وحياة...
وعلا.. وسعاد... وعايدة... يلعبون...
قرب البيت الجميل... يرسمون البقاع...
سهلاً... فيغدوا... أخضر... جميلاً... وهم يسمحون عن وجهه التعب... ليشتغل... زمراً... ومساكب ورد... تسر الناظرين...
وعلي وأمينة... ينتظران عودة الأب...
هناك من عند الماء... راح ليحمل الماء إلى إفطارهم... فهم في الانتظار...
والأم هناك... والرضيع... لا زال يرسل آخر المناغاة...
قبل تاريخ الغارة... وقبل أن يتفحم...
والكل يتهيأ.. لمدفع الافطار...
كانوا... ككل أطفال بلادي... يهللون للفرح الآتي..
للعيد الآتي... يلعبون... على بيادر أحلامهم...
يزرعون... الحُب... والحَب...
لتطلع السنابل... من جراحاتهم...
وعيونهم...
ستة كانوا... وكان الرضيع..
وكانت الأم ندوة...
والماء لم يصل...
والأب هناك..
وكانت الغارة... وارتفع الدخان...
وارتفعوا... وسقطت الغارة...
وتفحموا...
تفحم الرضيع... فكان اصبع فحم...
يكتب... على جدران الزمان...
ألف لا... لا لأمريكا...
وألف رسالة موت لإسرائيل...
كانت أصابعهم تمتد..
عيونهم تمتد...
قلوبهم تمتد..
وكان الرضيع يفتش عن أمه...
وأصابعها تمتد... تفتش عنه... وعنهم...
لتحضنهم رغم النيران...
جمعتهم قربها أشلاء...
ضمتهم إلى صدرها... نامت قربهم...
ناموا
هذا الرضيع يريد أن ينام..
كانت عيناه ترسل آخر المناغاة...
هو يريد أن ينام... رقدة الشهادة... على صدر أمه... وراحت تناغيه... نم يا رضيعي..
ناموا...
يا عيوني ناموا...
ناموا...
كما نامت دنيا وبتول...
قاسم وزينب...
حسين الموسوي...
زاهر وسامر سويد...
ومعهم... أطفال العراق وفلسطين...
والبوسنة...
والماء لم يصل...
سقطت القربة...
وما وصل الماء...
وكانوا أصاب فحم... ستكتب...
على مدى الزمان...
إن كل مصائبنا هي من أمريكا وإسرائيل.
* من صميم مجاهد
حسن حسين عبد الله
أماه..
أماهُ لا تحزني إن رأيتني ممدداً أو مرفوعاً على النعشِ فترحمي وبصبرِ زينبَ عند دفني تصبري، فكيف تحزني..
فكيف تحزني واليومُ عرسي إلى حيث أرتقي
أم كيف أبقى عازباً في دنيا كهذه وكلُ رفاقي تزوجوا
وأي عرسٍ..
وأي عرسٍ يحضرهُ محمدٌ وعلي وفاطمة والسبطينِ ومن بعدهُمُ
وأما العروس...
تلك التي يعجز عن وصفها قلمُ ولكن ما أقول أنها ليست من دنياً ولا من بشرِ
وبعد هذا..
وبعد هذا فإني وإن سقطت شهيداً
لا أقعُ على الأرض إلاّ وتحملني ملائكة الله والحورِ العينِ