نهى عبد الله
سار في طريقه غاضباً من صديقه "عقل"، الذي ينهره دائماً على زلّاته، بدا له أنّه يتحكّم به، لدرجة أنّ أخته "فطرة" باتت تنحاز إلى "عقل"، زاد احتقانه عندما تذكّر كيف قاطعها بسببه: "هي أختي أنا، لمَ تنحاز إليه؟!".
وصل إلى حيث تقف البائعة التي يقصدها كلّما ألمَّ به ضعفٌ، أو اضطراب... لكن ما إن اقترب منها حتّى لاحظ أنّها غيرها، أطلقت ضحكةً سافرة، وقالت له: "لستُ من تظنّ، أنا أختها واسمي "رغبة"، ولديّ بضاعة أكثر تنوّعاً ممّا لديها". لطالما وجد ما يحتاج إليه لدى أختها السيّدة "حاجة"، فلا ضير من تجربة أمور جديدة.
بدأت تغويه بعرض ما تملك: "شرابٌ جديد لم يذقه أحد، قد يسكرك في البداية، ولديّ أيضاً..."، وأخذت تعرض عليه الموبقات، واحدةً تلو أخرى. قال بتردّد: "لكنّها بضاعة لا يقبلها صديقي عقل ولا أختي فطرة، ولا الناس.."، وبسرعة انقضّت على أفكاره: "لا يريدون لك التحرّر منهم، ما الضير في التجربة؟! سأقدّم لك عرضاً خاصّاً، إن لم يعجبك، سأعيد إليك مالك". تحرّك طمعه، واشتعلت رغبته بالتجربة، جرّب كلّ ما تعرض، وطلب أكثر. وأخيراً، قدّمت إليه عرضها الكبير: "انظر إلى الطرف المقابل، سأبيعك الحريّة الحقيقيّة هناك، إن ملكتها لن يتحكّم بك عقل ولا فطرة بعد اليوم، وستنسى كلّ متاعبك".
ودون تفكير، ركض ليقفز فوق هوّةٍ كبيرة، لكنّ يداً قويّة جذبته، كان صديقه "عقل" الذي بادره: "أتظنّ أنّي سأتركك لتنتحر؟!". تململ بشدّة، حتّى لاحظ أخته "فطرة" تشير إلى وادٍ عميق كاد أن ينزلق إليه: "ألم ترَ أنّ "رغبة" تعرض عليك هلاكك، ألم تشعر بكذبها؟".
تنبّه إلى مكر "رغبة"، التي دفعته ليقف على شفا حفرة هلاكه، سلمت جرّته اليوم، لكن ليس دائماً...