تقرير: نانسي عمر
"من حفظ من شيعتنا أربعين حديثاً، بعثه الله عزّ وجلّ يوم القيامة فقيهاً عالماً، ولم يعذّبه"(1)، عن صادق أهل البيت عليهم السلام.
لمّا كان الاهتمام بحفظ أحاديث أهل البيت عليهم السلام ونشرها وتعليمها علامةً من علامات المؤمن، أطلقت جمعيّة التعليم الدينيّ الإسلاميّ مشروع حفظ الأحاديث النبويّة الشريفة، تحت عنوان مسابقة "الأربعون حديثاً"، وعمّمتها على مختلف المدارس اللبنانيّة، من صفوف الرابع الأساسيّ وحتّى الثالث الثانويّ.
ولأنّ العام الدراسيّ المنصرم كان استثنائيّاً بسبب انتشار وباء كورونا، فقد أطلقت الجمعيّة المسابقة، ولأوّل مرّة من بُعد، عن طريق الإنترنت online، حفاظاً على استمراريّة هذه المسابقة وقيمتها المعنويّة.
* كيف أُعلن عن المسابقة؟
خلال الفترة الماضية، وبسبب انتشار فيروس كورونا، واعتماد التعلّم من بُعد، أُعلن عن المسابقة من خلال خطوات عدّة:
أ- نشر فيديو ترويجيّ عن المسابقة يعرض أهمّ تفاصيلها والهدايا التي قُدّمت في السنوات السابقة، وأُرسل إلى جميع المعلّمين والمعلّمات، ومنهم إلى التلامذة، ونُشر على مختلف وسائل التواصل المعتمدة والمتاحة.
ب- توجيه رسالة لإدارات المدارس والأهالي والتلامذة، تضمّ رابطاً إلكترونيّاً يوصل إلى الأحاديث النبويّة المخصّصة لكلّ صفّ من الصفوف المختلفة، مضافاً إلى موقع الجمعيّة، ورابطاً آخر خاصّاً بالامتحان، حُجب قبيل البدء بالامتحان.
ج- الترويج المستمرّ على مستوى كلّ دائرة على أوسع نطاق ممكن، ونشر المنشورات "البوستات" الدعائيّة يوميّاً.
د- إعداد فيديو كدليل إلكترونيّ لكيفيّة الإجابة عن أسئلة المسابقة عُمّم على الأساتذة والتلامذة، ونُشر على موقع الجمعيّة.
* حبُّ الرسول ثوابٌ في الدنيا والآخرة
"إنّ حفظ الأحاديث النبويّة يفتح الباب لمعرفة كيفيّة تطبيق هذه الأحاديث عمليّاً. وما شجّعني على المشاركة في المسابقة هو حبّي للرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي أراه قدوةً لي"، يقول حسن ياسين (تلميذ في الصفّ التاسع الأساسيّ).
وتقول بتول حلّال (الثامن الأساسيّ): "شاركتُ في المسابقة قربةً إلى الله ورغبةً في الثواب، ولهذا سأشارك كلَّ عام؛ لأنّ غايتي دينيّة وليست ربح الجوائز".
ويؤكّد عبّاس مازن رعد (الثالث الثانوي) أنّ حفظ الأحاديث يساهم في تحصيل المزيد من المعارف التي تساعد على تحقيق رسالة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم .
وتشير فاطمة الزهراء حمّود (الثاني الثانوي) إلى أهميّة حفظ الأحاديث بالنسبة إليها، فهي "ترشدنا إلى الطريق الصحيح، وتُكسبنا الحسنات". وتؤكّد زميلتها خولة علي (الأوّل الثانوي) أنّ والديها هما من شجّعاها على المشاركة، ويحثّانها دوماً على حفظ الأحاديث النبويّة والقرآن الكريم، لما في ذلك من أهميّة في تطبيق أهداف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحفظ نهجه، شرط أن يكون الحفظ مقروناً بالأفعال.
* دور الأساتذة الفعّال
للمعلمين ومديري المدارس دور أساسيّ في إنجاح هذه الفكرة وتحفيز التلامذة على المشاركة. وعن هذا الدور يقول أستاذ مادة التربية الدينيّة ماجد كنعان، إنّه يقتصر على توضيح وتأكيد أهميّة حفظ أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والثواب المرجوّ منه من جهة، ومساعدة التلامذة على الحفظ عن طريق متابعتهم والتسميع لهم من جهة أخرى.
ويشير الأستاذ حسين دياب (مدير مدرسة المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف في شمسطار) إلى دور المديرين في تشجيع الطلاب معنويّاً وماديّاً وتأمين التسهيلات الكافّة لهم، لما للمشروع من أهميّة في كسب المعارف التي ترفع من مستوى التديّن وتزكية النفس.
* ثروة لا تقدّر بثمن
"ما شجّعنا على إطلاق الفكرة هي المراحل العمريّة للتلامذة -من الحلقة الثانية وحتّى الثانويّة- التي تسمح لهم بالحفظ"، يقول الحاجّ محمّد سماحة، المدير العامّ لجمعيّة التعليم الدينيّ الإسلاميّ. ويضيف: "نقوم بأنشطة متنوّعة سنويّاً، منّها المسابقة التي تستمرّ لأكثر من شهرين من المتابعة الهادئة والمحبّبة بين معلّمي التربية الدينيّة والتلامذة. نعتمد لكلّ صفّ 40 حديثاً مختلفاً عن غيره من الصفوف، حتّى إذا استمرّ التلميذ في الحفظ من الصف الرابع الأساسيّ وحتّى الثالث الثانويّ، يكون قد حفظ 360 حديثاً نبويّاً شريفاً، وهذه ثروة لا تقدّر بثمن، ومعين لا ينضب من الحكمة والأدب".
* أبرز الإيجابيّات
كان لإجراء المسابقة مباشرةً على الإنترنت إيجابيّات كثيرة، أهمّها:
أ- الحرص على تنفيذ المسابقة، على الرغم من الصعوبات والمعوّقات الكبيرة.
ب- الدخول إلى العالم الرقميّ، من خلال التحضير للمسابقـــــــة وتنفيـــذها إلكترونيّاً.
ج- السرعة في إصدار النتائج، دون بذل أيّ جهد من الأساتذة.
د- المشاركة الواسعة من مدارس مختلفة، سواء تلك التي تعرفها الجمعيّة أو لا تعرفها.
هـ- تأمين الأحاديث المطلوبة ووضعها في متناول الجميع بشكلٍ إلكترونيّ.
و- تعاون إدارات المدارس وأولياء الأمور واهتمامهم في هذه المسابقة، ودفع أولادهم للمشاركة.
وهكذا، ستبقى أحاديث النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم منارةً في دروب الظلام، ودستوراً لبناء أجيال محمّديّة أصيلة.
(1) الأمالي، الصدوق، ص 382.