الشيخ علي معروف حجازي
المهر هو مال تستحقّه المرأة بعقد الزواج، ويُقال له الصداق، قال تعالى: ﴿وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا﴾ (النساء: الآية: 4). وذُكر بعنوان الفريضة، في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ (البقرة: 237).
وعدَّ القرآن الصداق خاصّاً بالمرأة، وأنّ التعدّي عليه ظلم، قال تعالى: ﴿وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً*وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً﴾ (النساء: 20-21).
1- شروط المهر: يشترط في المهر ثلاثة أمور:
الأوّل: أن يكون ممّا يملكه المسلم، فلا يصحّ ممّا لا يُملك كالخنزير للأكل أو الخمر، ولو فعل بطل المهر، ولكن يصحّ العقد الدائم.
الثاني: أن يكون ذا قيمة ماليّة.
الثالث: التعيين، فلا يصحّ الترديد بين أمرين أو أكثر، ويكفي في التعيين المشاهدة له.
أ- يجوز أن يكون المهر عيناً، كالمال النقديّ والذهب والسيّارة وأثاث البيت ونحو ذلك.
ويجوز أن يكون منفعةً، كالانتفاع ببيت أو دكّان أو عقار أو سيّارة ونحو ذلك.
ويجوز أن يكون عملاً، كأن يحرث لها بستانها، أو يعلّمها شيئاً، ونحو ذلك...
ب- إذا لم يُذكر المهر نسياناً أو جهلاً أو عمداً، فلا تستحقّ الزوجة شيئاً قبل الدخول أو قبل الطلاق، فإن حصل الطلاق قبل الدخول، فيجب عليه أن يعطيها شيئاً ما، بحسب حاله من اليسار أو الإعسار.
- وأمّا لو مات قبل الدخول، فلا تستحقّ شيئاً من المهر.
- وإن حصل الدخول، فتستحقّ مهر مثيلاتها.
ج- لو حصل العقد دون ذكر المهر، جاز لهما أن يتراضيا بعده على شيء، فيتعيّن ذلك مهراً.
د- يجوز أن يكون المهر كلّه معجّلاً، ويجوز جعل بعضه معجّلاً وبعضه الآخر مؤجّلاً، ولا يجب على الزوج دفع المؤجّل قبل حلول أجله.
2- المهر ملك للزوجة: المهر ملكٌ للزوجة، فلا يحقّ لأحد (حتّى لأبيها) الاستيلاء عليه أو على بعضه، أو التصرّف فيه من دون إذنها أو رضاها.
3- تعيين المهر: تعيين مقدار المهر موكول إلى الزوجين، فيصحّ بأيّ مقدار اتّفقا عليه كثيراً كان أو قليلاً. ويستحبّ أن لا يزيد المعجّل والمؤجّل عن مهر السُّنَّة، وهو خمسمائة درهم، والدرهم يساوي 2.52 غرام من الفضّة.
4- أقرب الأجلين: الموت أو الطلاق، فإذا طلّقها الزوج أو مات قبل الدخول، فتستحقّ نصف تمام المهر المسمّى (النصف بعد جمع المعجّل والمؤجّل)، وإذا كان بعد الدخول، فتستحقّ تمام المهر المسمّى.
5- انخفاض القيمة الشرائيّة: إذا كتب الرجل مهراً مؤجّلًا لزوجته، وعند حلول الأجل (وقت الدفع)، كانت القيمة الشرائيّة للمهر المؤجّل قد انخفضت، فإذا طالبت الزوجة بمقدار التضخّم، وجب على الرجل دفعه لها.
(ملاحظة: مقدار التضخّم هو الفرق الحاصل بسبب انخفاض القدرة الشرائيّة).
6- نوع المهر: إذا كان المهر ذهباً أو فضّة أو عقاراً أو بالدولار مثلاً، فيحقّ لها المطالبة بالنوع نفسه من المال، حتّى لو كانت قيمته مرتفعة عن يوم العقد.
7- عدم تسلّم المهر: يجوز للزوجة الامتناع عن تمكين نفسها من الدخول إلى أن تتسلّم تمام المهر المعجّل، وأمّا سائر الاستمتاعات الأخرى فلا يجوز لها الامتناع عنها.
8- التنازل عن المهر: يجوز للزوجة أن تبرئ زوجها (باختيارها) من تمام المهر أو بعضه. ولكن لا يجوز أن يضيّق الزوج على زوجته كي تتنازل عنه. فلو تنازلت عن المهر بسبب ذلك، لم يصح التنازل، ولا تبرأ ذمّة الزوج منه، بل يجب عليه أن يؤدّيه إليها.
نعم، تجوز له المطالبة بتنازلها عن المهر، إذا طلبت الطلاق بسبب كرهها له، وليس بسبب ظلمه وتضييقه.
9- تخميس المهر: لا يجب على الزوجة تخميس مهرها.
10- موت الزوجة: إذا ماتت المرأة المتزوّجة وكان لها مهر أو بعض مهر في ذمّة زوجها، فيحقّ لورثتها المطالبة بحصصهم من المهر.
11- موت الزوج: إذا مات الزوج، وكان له تركة، أترك وصيةً أم لم يترك، فيجب أوّلاً إخراج الواجبات الماليّة من أصل التركة، فلا تنفّذ أيّ وصيّة، ولا يوزّع الإرث إلّا بعد إخراج الواجبات الماليّة أولّاً، ومنّها مهر الزوجة المؤجّل إن لم يدفعه.
12- المهر ووجوب الحجّ: إذا كان مهر المرأة يكفي لمصاريف الحجّ الواجب، وكان معجّلاً، فلو لم يكن الزوج قادراً على دفعه، لا يمكن للمرأة مطالبته بالمهر ولا تكون إذاً مستطيعةً؛ وأما إذا كان قادراً، ولم تكن هناك مفسدة في مطالبتها بمهرها، وجب عليها المطالبة بمهرها والذهاب إلى الحجّ. وإذا ترتّبت على المطالبة مفسدة، كأن يؤدّي ذلك إلى النزاع والطلاق، فلا تكون مستطيعة، ولا تجب المطالبة عليها.