مع الإمام الخامنئي | احفظوا أثر الشهداء* لماذا غاب الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف حتّى الآن؟ فقه الولي | من أحكام الإرث (1) آداب وسنن | تودّدوا إلى المساكين مفاتيح الحياة | أفضل الصدقة: سقاية الماء* على طريق القدس | مجاهدون مُقَرَّبُونَ احذر عدوك | هجمات إلكترونيّة... دون نقرة (1) (Zero Click) الشهيد السيّد رئيسي: أرعبتم الصهاينة* تاريخ الشيعة | عاشوراء في بعلبك: من السرّيّة إلى العلنيّة الشهيد على طريق القدس المُربّي خضر سليم عبود

خاطرة: ساعة ونصف الساعة في روضة الشهيدين


ندى بنجك


.. كان النهار يقترب من نهايته، الشمس على موعدٍ مع الأصيل، والمدينة كعادتها، غارقة في ضجّتها اليومية وهي الوحيدة في قلب "الضاحية"
ساكنة..
وادعة
مهيبة
مفعمة بالرهبة
وكثيرة الأنس
روضة الشهيدين...
وقصدناها
لم تكن ليلة جمعة ولا يومها..
وكانت تضج بقاصديها، حشدٌ من الأمهات والآباء والأخوة والأبناء من الرفاق والمحبين..
والمحبون كخثر..
وروضة الشهيدين مكان آخر.
فعلى بُعد أمتار قليلة، يبدو شارع المدينة ولا شيء تجده سوى
تلاويح الدنيا..
وفيها. في روضة الشهيدين.
نداءٌ إلى الآخرة
والوطأة الأولى من هاتيك البوابة الرفيعة، بالحق مهيبة..
داخلٌ أنت إلى منازل أمراء يهزأون بعيشك..
أجل..
عليك أن تشعر بالمسافة البعيدة بينك وبينهم.. أصحاب الأضرحة الممشوقة، والأسماء المطهَّرة، إذ تقرأها تُعيدك إلى أنباءِ بطولات كثيرة..
وهنك بطل عملية "الدبشة"
هنا وهناك
أسماء.. أبطال..
ألقابٌ وعمليات
جمَّلت تاريخنا باسم دمهم
كلّ هذ الحشد
من المجد
والراية الصفراء في روضة الشهيدين، عالية ترفرف: "شهداؤنا رمز عزتنا وأمانة المقاومة".
وأكثر من مشهدٍ يستحق ولو بعض وفاء..
إحدى الأمهات كانت تجلس جنب ضريح وليدها، تملّس على "الرخامة" واسم العزيز، ومثلنا بالتأكيد..
لا ندري أي حكاية حنين في هاتيك العيون، أي تمتمات كانت تهمس بها وأي شجون..
وأخرى استوقفتني تقول:
"معك شوية عيزآن يا بنتي"
ويا ليت كان معي أو كان عندي
لأحضرتهم لعينيّ هذا البطل، ومزجت بخورهم بعطر دمه الصعب أمانته..
وإحداهن كانت تحمل وريقاتٍ وتكتب.. لعلها أمنية أو خواطر حنين أو قسم وبيعة..
انها أخت شهيد لقبه "حسيني" وأول كلمة بعد التعارف قالتها: "أفخر بأني أخت شهيد، وإني آتي إلى هنا دائماً، لأستمدّ الكثير من الطمأنينة والإيمان والأُنس والعزم على متابعة المسير".
وماذا عن ذاك الذي كان يُمسك بين يديه كتاب القرآن..
صوته حنون جداً..
ووجهه مسكونٌ بالشوق والعهد والخشوع لله..
أنه أحد الرفاق لأحد الشهداء..
أطال جنب ضريحه..
ومن رآه وحاله وصمته، سيقول مثلما خطر في بالي:
"أشهد بأن في هذا الشاب روح استشهادي".
ساعةٌ ونصف الساعة في روضة الشهيدين.
ويجيىء "مهدي" شقيق الشهيدين "علي ومحمد منيف أشمر"
معه مجموعة من الرفاق..
وعادةً يجيىء ليقرأ الفاتحة جنب ضريح أخيه، لكن ذاك الشموخ الذي في عينيه..
وتلك الابتسامة الجميلة المطمئنة التي رأيتها..
لم تكن عادية أبداً..
وإني لأشهد.
بأن هذا الاطمئنان منهم..
من أسمائهم..
من أصواتهم الطالعة من بين الأضرحة تقول: نحن الأحياء..
والذين يجهلون ميّتون.. ميّتون..
ساعةٌ ونصف الساعة في روضة الشهيدين..
ولا دمع كان..
آيات القرآن كانت..
الفاتحة.. البخّور.. العهد
وشجيرات الياسمين
ساعة ونصف الساعة في روضة الشهيدين وهي كما هي
"هادئة.. وادعة
مهيبة
مفعمة بالرهبة
وكثيرة الأنس..
والمدينة
هي كما هي
غارقة في ضجّتها اليومية"
تعالوا يا كرام
إلى الأمان كله
نقصد قبور الشهداء
نقرؤهم
نفهمهم
علّنا ننجو

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع