ها هم يعودون.. من السجون يعودون.. من فلسطين والخيام إلى وطنهم يعودون... ثلة طيبة من أبناء قرانا الطيبة... رجعوا إلى ربوع الوطن بعد طول غياب.. أطلقنا عليهم اسم الأسرى... ولأنهم تحرروا من ذلك "الأسر" فرحنا بهم... أو فرحنا لفرحهم... هكذا تبدو لنا هذه القضية!!
ولكن يا ترى هل صحيح أن هؤلاء أسرى؟... وهل صحيح أن غيرهم أحرار؟... هل صحيح أن من كان في السجن مكبلاً... وممنوعاً عليه أشياء وأشياء... هو إنسان أسير لأنه في السجن؟... وهل صحيح أن من يلهم ويلهب كما يريد ويذهب إلى حيث يشاء هو إنسان حر؟...
كم من "أسير" لا يجد العدو إلى قلبه سبيلاً.. فلا الترغيب ولا الترهيب ينفع معه لأن له قضية لا تباع بأغلى الأثمان فضلاً عن أن يبيعها بثمن بخس... ويقف العدو عاجزاً أمام هؤلاء الأسرى الذين لا يتعاملون بلغة العجز والمساومة..
وكم من "حر" تجره شهوته" إلى حيث تشاء... فيصبح عبداً لعدو الأمة لأنه تخلى عن قضية أمته وصارت له قضيته الشخصية التي لو عارضتها كل قضايا العالم فهي مقدمة عليها... وليس هناك إنسان يريح عدوه كما يريحه هذا الإنسان الذي لا يفهم إلا لغة المصلحة والشهوة.
اعذرونا أيها الأبطال العائدون إذا أسأنا الأدب معكم ووصفناكم بما ليس فيكم... إننا نعترف لكم بأنكم لم تكونوا أسرى ولو في يوم واحد.. وسيبقى هذا شاهداً لكم إلى يوم القيامة.. ونعترف لكم يا أبطالنا العائدين... بأن هذا الوطن فيه من الأسرى أكثر بكثير مما فيه من الأحرار.. فكم من إنسان يعيش الخوف من العدو.. من خلال أعلام مزيف.. وأنتم أخفتم العدو الذي جرب معكم كل الأساليب...
إن الأمة التي تعرف الشهادة لا تعرف الأسر.. كلمات قالها الإمام الخميني المقدس... ونعم ما قال.. فكما أن الشهادة ليست للجسد.. بل هي للروح التي تسمو في عليائها.. وللقلب المفعم بحب الله عزّ وجلّ.. فكذلك الأسر.. هو ليس للجسد... بل للروح التي دفنت تحت أنقاض الدنيا.. والقلب الذي اسود في ظلماتها..
.. قد يحتل العدو أرضاً ولكنه ليس بالضرورة أنه سوف يحتل قلوب أبناء هذه الأرض... بل قد يقوم هؤلاء بمواجهة العدو بكل ما يملكون... وقد لا يحتل العدو أرضاً ولكنه يعيش بترغيبه وترهيبه في قلوب الذين يعيشون في تلك الأرض..
القضية ليست قضية شخص أسره العدو أو وطن احتله العدو.. بل هي قضية قلب تمكن ذلك العدو من دخوله والإنابة منه.
أيها الأحرار المنتقلون من خندق جهاد.. إلى خندق جهاد.. علمونا.. فنحن نحتاج إلى علمكم.. لأنه العلم الذي ينفع في الجهاد الأكبر الذي مررتم به واستطعتم أن تحرزوا فيه الانتصار.. افتحوا لنا قلوبكم حيث يكمن السر لنتعلم.. مع دعائكم لنا بأن نوفق لفهم ذلك السر...
والسلام