مما جاء في وصية الإمام الخميني قدس سره لابنه السيد أحمد رحمه الله:
بني: إن الأدعية والمناجاة التي وصلتنا عن الأئم المعصومين عليهم السلام هي أعظم أدلة إلى معرفة الله جلَّ وعلا، وأسمى مفاتيح العبودية، وأرفع رابطة بين الحق والخلق. كما أنها تشتمل في طياتها على المعارف الإلهية، وتمثّل أيضاً وسيلة ابتكرها أهل بيت الوحي للأنس بالله جلت عظمته، فضلاً عن أنها تمثل نموذجاً لحال أصحاب القلوب وأرباب السلوك. فلا تصدنك وساوس الجاهلين عن التمسك أو الأنس بها. إننا لو أمضينا أعمارنا بتمامها نقدم الشكر على أنّ هؤلاء. الأحرار والواصلين إلى الحق. هم أئمتنا ومرشدونا؛ لما وفينا.
من الأمور التي أودّ أن أوصيك بها ـ وأنا على عتبة الموت، أصعّد الأنفاس الأخيرة: أن تحرص ـ ما دمت متمتعاً بنعمة الشباب ـ على دقة اختيار من تعاشر وتصاحب، فليكن انتخابك للأصحاب من بين أولئك الصالحين والمتدينين والمهتمين بالأمور المعنوية، ممن لا تغرهم زخارف الدنيا ولا يتعلقون بها، ولا يسعون في جمع المال وتحقيق الآمال أكثر مما هو متعارف، أو أكثر من حدّ الكفاية، وممن لا تلوّث الذنوب مجالسهم ومحافلهم، ومن ذوي الأخلاق الكريمة، فإن تأثير المعاشرة على الطرفين من إصلاح وإفساد أمر لا شك في وقوعه. واسع أن تتجنب المجالس التي تُوقع الإنسان في الغفلة عن ذكر الله، فإن ارتياد مثل هذه المجالس قد يؤدي إلى سلب الإنسان التوفيق، الأمر الذي يعد ـ بحد ذاته ـ خسارة لا يمكن جبرانها.