مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مع الإمام القائد: الفن أداة هادفة في وجود الإنسان

 لقاء مع جمعٍ من أساتذة فن الرسم الإسلامي


لقد حظيت اليوم بفيضين. الفيض الأول: وهو تمكّني من مشاهدة رسول جميلة. بديهي أنّني غير خبير في مجال فنّ الرسم والتصوير، وتعاملي مع هذه الفنون كمستمع غير مطّلع، إلاّ أنّ الإنسان ذو الطبع السليم يتمتّع بصفة ألا وهي حبّ الجمال، كالتذاذ الإنسان وتأثّره وتعلّمه بعض الأمور عند مشاهدة الخط الحسن وسماعه الصوت واللحن الموزون ومشاهدته الأداء الناجح للتمثيل في السينما والمسرح، وكذلك الرسم وغيرها من الفنون التي تتمتّع بنظام طبيعي وحقيقي. ولو طلب منّا أن نشرح تأثّرنا بها لشعرنا بالعجز، وهذا هو وصف لحالي. لكن حينما تستعدون – أنتم – لإعطاء توضيح حول أعمالكم حينها يشعر الإنسان بالدخول في عالم جديد.

والفيض الثاني: هو التوفيق لزيارتكم أيّها السيدات والسادة.

لقد كنت أعرف بعضهم ورأيت بعض أعمالكم، وكنت أعرفكم عن بعد ولكن لم تكن لديّ معرفة بالبعض الآخر، لعدم إحاطتي التامّة بأعمالكم، وقد وفّقت اليوم للقائكم وهي فرصة ثمينة بالنسبة لي.
إنّ أهل الفن يتمتعون بموهبة يفتقدها عامّة الناس وذلك أمر مهم وقيّم. ولو تمّت الاستفادة من تلك الموهبة كما ينبغي ويجب، لأصبح الفن في مرتبة استثنائية.
إنّ الفن بالطبع لا يمكن تعريفه تعريفاً جامعاً ومانعاً. وإن كنت قرأت أو سمعت تعريفات عديدة للفن، إذ يجب الإذعان لهذه النكتة: وهي أنّ الفن حالة معنوية يمكن تعريف خواصّها وآثارها فقط، أمّا ماهية الفن فلا يمكن تعريفها فهي مثل روح الإنسان التي من غير الممكن تعريفها وإنّما بإمكاننا بيان آثار وخواص الروح فقط.
إنّ للفنون وجه مشترك، وقد ذكر أحد السادة مسائل بشأن الارتباط بين الرسم والموسيقى وهو كلام صحيح. فكلّ الفنون تتمتّع بوجه مشترك، ولها جذر مشترك، أمّا فروعها فمتنوعّة، وفي الحقيقة هي أنواع لجنس واحد ويمكن التعبير هكذا؛ وهو أنّ الفنون المختلفة أصناف لنوع واحد، والغرض من هذا التعبير هو أنّ الإنسان بإمكانه اعتبار الفنون قريبة من بعضها البعض إلى هذه الدرجة.
طبعاً إنّ لديّ اهتمام ببعض الفنون كالشعر، ولكنّ الرسم ليس من ضمنها. وقد أتيحت لي اليوم الفرصة لزيارة أهل هذا الفن والاستفادة منهم، وكانت متعتي بالرسوم كبيرة جداً. إنّ قيام وزارة الإرشاد بمثل هذه البرامج أمر مفيد جداً. وعلى وزارة الإرشاد التفاهم مع فنّاني الرسم وسائر الفنون، ولا أقول أن نتعاقد معهم، فالتفاهم غير العقد، أي الفهم المتبادل. فليتفت الفنّانون إلى أنّ وزارة الإرشاد تعتزم خدمتهم، كما أنّكم – أي الفنّانون – تلتفتون إلى نتاجاتهم الفنيّة.

وفي هذه الفرصة سوف أطرح بعض الكلام من باب النصحية أو إبداء الرأي:
إنّ الفنّ أداة، ومما لا شكّ فيه أنّ الفنان يبتهج بفنّه، إلاّ أنّ الفنّ وسيلة في نفس الوقت. أجل يجب أن يبتهج به الفنّان ويمثّل جزءاً منه هو أداة، كفنّ البيان عند الإنسان، حيث جاء في القرآن (عَلّمَه البيان). تصوّروا كيف يكون الإنسان دون أن تكون لديه قوّة البيان؟ إنّ قوّة البيان هي من أعظم صفات الإنسان، ولكن هذا البيان هو أداة الحقيقة.
وأودّ هنا الإشارة إلى البحث الذي كان متداولاً في النظام السابق بين المحافل الفنيّة، والذي لم يكن منحصراً بهذه المحافل، بل كان متداولاً في كلّ مكان، وهو مقولة (الفن للفن)! ما هو المقصود من الفن؟ وهل إنّنا نريد الفن للفن؟ أم الفن لهدف ما؟ فكانت جماعة تقول إنّ: (الفنّ للفنّ)، وذلك لغرض إضعاف الفن واستئصاله. وقد أثْبتّ في لقاءات متنوّعة مع أهل الفن إنّ هذا الزعم ليس له معنى وحصيلة صحيحة، فهو كلامٌ بلا معنى.
إنّ الفن هو أداة هادفة، وذلك الهدف له أساس في وجود الإنسان. والفنّ أداة، ولديكم – ولله الحمد – فنّ فاخر، وأحياناً أفضل أنواع الفنّ، والسؤال هو عن الاتجاه الذي تستعمل فيه هذه الأداة؟ إنّنا نرى لحسن الحظّ إنّ الاهتمام بالأصول والأفكار والشاعر الإسلامية مشهود في هذه الأعمال، وكذلك الاهتمام بأفكارها التراثية الأصيلة التي لا تنفكّ عن المسائل الإسلامية، وتمتزجان مع بعضهما البعض.

والكلام حول الفكر الإيراني هو بلا شكّ كلام حول الفكر الإسلامي، فهما غير منفصلان. فلو لاحظتم ديوان الفردوسي (الشاهنامه)، التي كتبها الحكيم أبو القاسم الفردوسي. فهذا الحكيم حكمته قرآنية .. ولو تدبّر الإنسان في (الشاهنامه) لعرف أنّ الفردوسي نظم الشعر لإيران، ولكن برؤية مسلم شيعي. عليكم أن تعرفوا أن حكمة الفردوسي هي حكمة قرآنية، فالأعمال والخصال التي تقرأونها في حياة الأبطال الجيدين في (الشاهنامه) مثل رستم، لها جذور في الأفكار الإسلامية، وبالعكس فإنّ الشخصيات السيئة كشخصيات الطورانيين الذين يتّصف أغلبهم بالخصال غير الحسنة، وكذلك بعض السلاطني الذين امتزجت أسماؤهم بالقبح، يتّصفون بالصفات المذمومة في الأخلاق والفكر الإسلامي بشكل واضح.. الحكمة القرآنية هي نفسها حكمتنا الوطنية، ونفس حكمتنا الإيرانية المحلية، ويمكن إظهار هذه الحكمة في اللوحات الفنيّة والرسوم، فتصبح هذه الأعمال الفنيّة أداة لنشر أسمى وأجمل وأفضل المفاهيم القرآنية.

ولا أقصد من هذا الكلام أنّ على الفنّان أن يحبس نفسه، فقد يرغب الفنّان أن يرسم شيئاً ليس له أيّة علاقة بالأفكار الإسلامية أو الإيرانية أو الفلسفية والنظرية بتاتاً، بل يريد بيان مشاعره، ومأذون له القيام بمثل هذه الأعمال. فلا يوجد فنّان لم يخلق مثل هذه الأعمال، ولا نمانع نحن هذه الأعمال. وإنّني – وحسب رأيي الشخصي – لا أرى مانعاً من أن يبيّن الفنّان مشاعره بلغته الفنيّة الخاصّة، إذ أنّها جزء لا يتجزّأ من شخصيته. وهذا النوع من النتاجات ليست لها أيّة علاقة بالفكر والثقافة والعادات والعقيدة. فلا مانع من أن يقوم الفنّان بتجسيد شعوره ولا اعتراض على هذا العمل، إلاّ أنّنا إن أردنا أن نبيّن نظرة ما، فإنّ من أفضل الأمور التي بالإمكان بيانها – حسب رأيي – هي الأفكار الإسلامية.

لقد رأيت بين اللوحات المعروضة في هذا المعرض لوحات لشهداء ومقاتلين، وهي حقاً نتاجات قيّمة. وكذلك النتاجات المتعلّقة بواقعة كربلاء، بصبيحة وعصر عاشوراء، والتي تعتبر كلّها أعمال قيّمة ونفسية. وفي المنزل لدي لوحة فنيّة للسيد فرشجيان، أهداها لي قبل عدّة أعوام، كلّما رأيتها سالت دموعي، فعلى الرغم من أنّ صدري مليء بمآسي صبحية وعصر عاشوراء ونعرف جيداً ماذا كُتب وماذا نُظم بشأن هذا اليوم، ومع أنّه يقال أنّ أهل هذه الأمور لا يبكون عادةً، ولكن السيد فرشجيان. ومن خلال عمله الفنّي – يبكينا جميعاً. وهذا النوع من الفنّ كثير الفائدة والمعنى. كما أنّ بعض النتاجات التي شاهدتها هنا قد أثّرت بي – في الحقيقة..
وفي الختام أُشير إلى موضوع إعداد وتعليم الطلاّب، حيث نجح بعض الحاضرين هنا في هذا العمل ولله الحمد، وهو عمل مبارك جداً.
فابذلوا كلّ طاقاتكم في تعليم الطلاّب الجيدين، كي يستطيع البلد الاستفادة من هذه الثروة العظيمة.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع