طرح الحضور المميز للطفل الإيراني الموهوب محمد مهدي سليمان بور في الأمسيات القرآنية أكثر من سؤال عن الأسباب الكامنة وراء تفوق الأطفال وتألقهم في فضاء المعنويات الإلهية والمعارف الإسلامية عامة والقرآنية على وجه الخصوص وعن أثر التربية في تقويم مسيرة الإنسان. سيرة حياة محمد مهدي سليمان بور قد تساعدنا في غمار البحث عن إجابة وتريحنا من عناء المقاربة للكثير من الفلسفات التربوية المعاصرة. وتقترب من السيرة الأنموذج للطفل القرآني الرسالي.
نشأ "بور" في بيت قرآني فأبوه متعشقٌ للقرآن تالٍ لأجزائه، وأمه أيضاً كانت متيّمة بآيات الكتاب المجيد، وفي أيام الحمل كانت تكثر من تلاوته وعندما وضعت ابنها عكف أبوه على تلاوة وترتيل الآيات القرآنية وسكبها في أصول آذانه لتنتعش بذلك جوانحه وتنتشي خلجاته. وقد تعلم "الحكي" باللغة القرآنية وبعدها نظّم أبوه له برنامجاً قرآنياً على أشرطة الكاسيت واستمر على هذه الحال حتى تم له حفظ القرآن، وعدد السور وأرقام آياتها وما إذا كانت كل سورة مكية أم مدنية.
كم هي مباركةٌ هذه البيوتات القرآنية التي يدرج الطفل في ردهاتها مؤمناً، متفقهاً بدينه، عارفاً بأحكامه وليس مسلماً في الهوية، في هذه البيوتات المباركة يكون الاصطدام بالآيات القرآنية قدراً يومياً يمارسه الطفل بغير إرادته منذ نعومة أظفاره، فما أجمل أن نربي أبناءنا في مثل هذه الأجواء بدل أن نوكل للشارع أمر تربيتهم ليلقنهم السباب والشتائم والألفاظ البذيئة.