روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما رجم رجلاً في الزنا قال رجل لصاحبه: هذا أُقعِص كما يُقعص الكلب. فمرّ النبي معهما بجيفة فقال: إنهشا منها. فقالا: يا رسول الله ننهش جيفة؟ فقال: ما أصبتما من أخيكما أنتن من هذه.
تعتبر حرمة الغيبة محل اتفاق إجمالاً، بل تعد من ضروريات الفقه ومن المعاصي الكبيرة والموبقات المهلكة. وإن لهذه الخطيئة الكبيرة في عالم الغيب صورة مشوهة بشعة تبعث ـ مضافاً إلى قبح منظرها ـ على الفضيحة في الملأ الأعلى ولدى محضر الأنبياء المرسلين والملائكة المقربين، ونلاحظ في هذه الرواية الشريفة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد شاهد نتيجة قوة نور بصيرته وحدّة مشاهدته ـ النبوية الغيبية ـ عمل هذين الرجلين، وعرف بأن جيفة الغيبة أشد من جيفة الميتة، وصورة عمل الغيبة أشد قبحاً وفظاعة من صورة الميتة النتنة.
وفي رواية أخرى أن المغتاب يأكل من لحمه يوم القيامة، وفي وسائل الشيعة عن كتاب "المجالس" لصدوق الطائفة رحمه الله عن نوف البكالي قال: أتيت أمير المؤمنين عليه السلام إلى أن قال: قلت زدني قال: اجتنب الغيبة فإنها إدام كلاب النار. ثم قال: يا نوف كذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يأكل لحوم الناس بالغيبة.
ولا تهافت بين هذه الأحاديث الشريفة، إذ يمكن أن يتحقق كل ذلك، يأكل لحم الميتة ويأكل لحم جسده أيضاً. يكون المغتاب على صورة الكلب فيأكل الجيفة، ويكون على صورة الميتة تأكله كلاب جهنم أيضاً. ففي عالم الآخرة يمكن أن يكون لموجود واحد صور مختلفة.
وعن عقاب الأعمال بإسناده.. عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث: "... ومن مشى في غيبة أخيه وكشف عورته كانت أول خطوة خطاها وضعها في جهنم وكشف الله عورته على رؤوس الخلائق". هذا وضعه يوم القيامة وفي جهنم حيث يفضحه الله تعالى بين الناس وأمام الملكوتيين.
وفي وسائل الشيعة عن الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه (عليهم السلام) في حديث المناهي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. نهى عن الغيبة وقال: من اغتاب امرءاً مسلماً بطل صومه ونقض وضوءه وجاء يوم القيامة يفوح من فيه رائحة أنتن من الجيفة يتأذى بها أهل الموقف، وإن مات قبل أن يتوب مات مستحلاً لما حرم الله عزَّ وجلَّ". فحال المغتاب مفضوح يوم القيام ويعتبر من الكفار ـ حسب الرواية الشريفة ـ لأن المستحل لما حرم الله كافر.
والأحاديث في هذا الموضوع كثيرة والأمر خطير جداً وصعب للغاية وعلى الإنسان أن يحذر حذراً شديداً من الوقوع في مثل هذه الموبقة المهلكة.