نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مجتمع: "الانترنت" واستنساخ عقول النخبة

 


ما أروع أن يبدأ الإنسان حياته بروحٍ صافية هادئة رحبة ومتغيرة طبقاً لظروف عنده، حياة فيها من المغامرات الكثيرة فيها روح ثقافية جديدة تستحق أن يكتب عنها بشغف لتنقل إلى أخيه الإنسان ليعيشها بعقله وقلبه تاركة بعضاً من ريش حروفها داخل جسده.

ولكن في ظلّ هذه السطوة، على الكاتب والكتاب والمجلة والجريدة من الإعلام المرئي والمسموع وفي ظل الانترنت، صارت مخاوفنا على الكتاب وشكوكنا أكبر من ذي قبل على مستقبله لأنّ هذا "الوحش" يريد أن يحوّل الإنسان إلى دمى متحركة أو إلى منكبّ على فراشه تحت سقف بيته وبكلّ سهولة يمكنه أن يحصل على أيّة معلومة ومن أيّة زاوية من زوايا العالم، وأيضاً بكلّ بساطة وسهولة ودون أيّ عناء يذكر، يمكنه أن يؤلف أو يعدّ كتاباً في يومٍ واحد، ولا يمكنه هنا الرفض والتمرد لأنّ خير جليس قد هاجر إلى السموات السبع وحلّ محله هذا "الانترنت" الذي أصبح مثابة المرجع أو خزان الشعوب في كلّ مناحي العلوم التي تخصّ الإنسان، ومهما كانت درجة ثقافته شاملة أو جزئية أو متخصّصة، وكأنّنا نعيش في عالم أغرب من الخيال.

وصدق أو لا تصدق! فهذا كان قد شدّ أسلاكه وقام بعلمية الغز الثقافي التغريبي، وها هو قد بدأ بالتمدّد والسيطرة للقضاء على ثقافات العديد من الشعوب المستضعفة دون أي مقاومة. فقد أصبح الباحث أو الكاتب مجرد دمية وما عليه إلاّ الطاعة والخنوع لإرادة هذا الامبراطور المفخّم الذي صار مسيطراً على مجمل الكرة الأرضية. ولا بدّ هنا من الإشارة للباحثين والكتاب والأدباء ولكلّ من له علاقة في مجد الكلمة إلاّ الطاعة والتجاوب واستيعاب البرامج والشروحات من هذا الامبراطور، لأنّه بقدر استيعاب الكاتب تزداد قصيدته الثقافية. ولا تنسَ أبداً أنّك لن تستطيع كسب ود الامبراطور ما دمت فقيراً ولا تملك ثمن الكومبيوتر والبونتر وبرنامج الامبراطور والتلفون الذي يوصلك بالانترنت التي ستقودك إلى كلّ قصوره الثقافية وكلّ مناهل تراث الشعوب. فالعلم والمعرفة أصبحا ملكاً لصانعي الكومبيوتر والانترنت الذين غدروا كبار المفكرين والمنفذين لتأكيد تمرده، وكل من يحاول التقويض أو التمرد يعتبر ضرباً من الجنون فما عليهم إلاّ أن يتصنعوا لهذا العام العلامة جامع الموسوعات العلمية وكلّ فنون المعرفة. لذلك فما على الشعوب إلاّ أن تدافع عن وجودها لأنّه سيصبح المرجع لأنظمة القوانين الطبيعية لشريحة واسعة من الرأسمالية المتحكمة بقرار الشعوب ومستقبلها، ولا يحقّ لأيّ إنسان أن يغرف من ذلك الخزّان ليتعرف إلى ما أنتجه عقل الإنسان من تصور تكنولوجي أو أبحاث ودراسات حديثة إن لم يكن هذا الإنسان من أصحاب المشتركين والثروة. والثروة في هذا الكون لا يملكها إلاّ نسبة قليلة وقد فرض أخيراً على الإنسان الذي يملك الكومبيوتر بموجب براءة اختراع جديدة أن يرتدي ثياباً حديثة الصنع للوقاية من الإصابات الإشعاعية التي تسبب أمراضاً لم يستطع الطب اكتشافها وقد بدأت الدول المخترعة، اليابان، تصدّر هذه الثياب إلى دول العالم بأسعار مدروسة ولا يتجاوز سعر البدلة الواحدة 500$، لذلك فما على الإنسان إلاّ القبول والاعتراف بالجميل الكبير لتلك الدول التي ترفع من مستوى الإنسان والإنسانية.


إنّ الدول العربية التي كانت شعوبها، ولا تزال، لا تستهلك أكثر من ألفي نسخة من الكتاب، قام الكومبيوتر والانترنت الآن بغزوها.
والانترنت هل سيصبح تحت تصرف أجهزة المخابرات في العالم للاطلاع على كل ما هو ممنوع من الصحف والكتب والمنشورات بكل اتجاهها وتوجيهاتها؟ إنّه نظام تحكم الكتروني تماماً كسلاح المدفعية والطيران.

وهل سيصبح الانترنت هذه الآلة الالكترونية الناسخة لعقول النخبة؟ وهل سيصبح رائد الحوار بين الجماعات المختلفة والمنظم الموضوعي والعقلاني بين المثقفين؟ وهل سيصبح الانترنت المرجع الذي يجعلك تغرف من خزّانه الأحكام السلطانية للماوردي وابن خلدون وابن سينا والخوارزمي وابن رشد وحتّى أخبار أمهات الكتب من نهج البلاغة للإمام علي عليه السلام إلى تهذيب الأحكام وموسوعة الينابيع الفقهية للطوسي إلى بحار الأنوار للمجلسي، وهل سيتيح للمثقفين ورجال الأعمال والتجار مخاطبة الرؤساء والملوك في كلّ دول العالم والاطلاع على الصحف العربية والأجنبية ويؤمن لكلّ التجار فرصة الاطلاع على الإنتاج الصناعي والأنشطة الثقافية في كلّ بلاد العالم وإبرام العقود المشتركة، إلى إعداد الكوادر التي ترغب المؤسسات في توظيفها في كلّ المهن، وربما بعد حين سوف يجدّد الأخلاق والتهذيب وأصول المعاملات بين الناس!.
إنّها تحديات جديدة أمام المثقف العربي في عصر ثورة المعلومات المرئية والمسموعة. فهل لدى المثقف العربي الطاقات والقدرات لامتلاك هذه الآلة أو الاشتراك فيها؟
أسئلة يطرحها أمام الإنسان الانتقادي والمتمرد والراغب في المواجهة بالورقة والحبر السائل، فهو متخلف لأنّه يواجه الإمبراطور الذي سيحدّد نسبة الوعي عنده وعند أيّ إنسان على وجه المسكونة، وهو سينقل له الواقع السياسي منذ نشأته وتطوره بأمانة علمية بعيدة عن الأسطورة والخيال.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع