ندى بنجك
.. لعينيك..
تستيقظُ الحروفُ من هَدْأة الحلم..
تطلعُ من عمق الجراح..
وعلى متنِ النجومِ..
في غمْرةِ الدجى..
أرسلُ مناغاتي..
..لعينيك..
حين ينجلي الضحى..
وعلى أجنحة الفجر..
مع نسائم النّدى..
أُبْرِقُ همساتي..
.. لعينيك..
يجتاحُ المدى طيفاً مرصّعاً بالنور..
يحتلُّ سِياجَ الخيال..
لتذوبَ المعاني في لُجّةِ الكلام..
ولا يبقى لي..
سوى أن أخُطَّ ترْنيمةَ العشق المقدسِ في عينيك..
بدمعاتي..
لأنّك السيفُ الذي صاغَ درْبَ القِتال..
لأنّك اللونُ الذي نسجَ شراعَ الحريةِ في ساحِ النِّزال..
لأنّك الشعاعُ الذي يكحِّلُ أحداقَ الشمسِ..
ويغزلُ في الشِّغافِ حُبّاً ذؤوباً.. وأقواس نصرٍ فوق التلال..
هي الأرضُ.. يا عشيقَ الأرضِ..
تتباهى بك عِزّاً يسكن ثراها..
طُهراً.. عَرِيْق..
وتفوحُ في الأعالي رياحيناً بأعطرِ رحيْق..
لأنّك السفرُ الموشّى بالصِّراطِ والهدى..
لأنّك السفرُ الذي بالشجونِ غرّد..
هي دماكَ.. فوق أجفانِ الورودِ تتقطّرُ..
شذىً.. وبريق..
وتنسابُ مع خَفْقِ الجداولِ ألحاناً..
تعْزُفُ خلودَك على المدى..
حيٌ أنت.. يا صفحةَ العمر المطرّزِ بالبطولة..
لن يغيبك الردى..
حيٌ أنت.. يا ومْضَةَ الأملِ الريّان..
لن يطويك الثرى..
فعشيقُ الإله.. بل عشيقُ الدّمِ..
لا يعرفُ الموتَ إذا ما غفا في مَهْجَعِ الشهادة..
هو أغنيةُ الأرضِ الحُرّة.. مدى الأزمان..
واللهُ في فردوسِه.. يُعْلنُ مِيلاده..
فيا همسةً.. تُورقُ في ضلوعِ الفُقراء..
وجْداً وحنين..
ويا نسمةً.. تُوقظُ عيونَ الغَافين..
على وجْنَةِ حُلمٍ جميل..
ويا بسمةً.. تُزهر فوق شِفاه الحياة..
ترسمُ للخلودِ سبيلا..
سوف أرتّلُ.. بالجرحِ.. بالدّمعِ..
لعينيك أنغامي..
سوف أعزفُ.. بالجرحِ.. بالدّمعِ..
لعينيك ألحاني..
فإني قرأتُك.. والليالي حالكاتٌ..
ترنيمة العاشِقين..
وإني قرأتُك.. ووجه النهار..
ترنيمة الطَّامحين..
إني قرأتُك.. على شِفاه الوحي..
آياتِ جهادٍ..
وبشرى للعالمين.. وبُشرى للعالمي..
لعينيك مُناغاتي
.. حين يزحفُ موكبُ الرّدى إلى حيث المرتقى..
وتستأنسُ الروحُ جنبَ الكوثرِ في سدرة المنتهى..
يحسني الموتُ أطيافه وَجِلاً..
وتبقى الشهادة هي الأسمى..
وفي مداكَ العلوي.. أبْحِرُ أيها الشهيد..
أُغرت النفسُ بمعينِ فؤادِك.. فتسمو بي نفسي..
وأغْنِي من ذُخْرِك نَشيج لغتي.. لكن هيهات..
إذا ما الورقُ تناهى.. وتسجدُ لطيفِك الكلمات..
فأيُّ كلمةِ ترتقي مجدك؟.. وأي صورةٍ تُجلِّلُ بهاك؟..
هوذا الليلُ من وجهِك يقطُفُ سماءً..
ويغرسُ فيها آلافَ النجمات..
والغيمُ من أهدابِك يَفْردُ أشْرِعةً للنور..
ويخطُّ من دمِك حكاياتٍ.. وحكايات..
والشمسُ من رحمِ الظلامِ..
تستلقي فوق أجفانِك لتحلُمَ ولو هنيهات..
والبدرُ بضياهُ.. ببهاهُ.. في روضِك نَائم..
والصمتُ والسكونُ والخشوع..
كلٌ باتَ في بحرِ مُناك عائم..
لك أنت يا حبيبَ الله هذا الزفيفُ القائم..
لروحِك التي لم تعرفْ غير الله..
ولم تلهجْ بذِكر سواه..
لنفسِك الراضيةِ المرضية..
لتي تُضيء دُروبَ السالكينَ في إطْباق الظلام..
لله دَرُّكَ أيها الشهيد...
تسْطو فوق الوجود بهمْسةٍ... بوصيّةٍ... بجناحَ ملاك...
هو الكونُ لعُلا يهْتفُ فِداك...
وأنا... لأجلِ ضِياك...
ضاقت بي أحْزاني...
ومن عينيك شرّعتُ نوافِذ أيّامي...
هرَباً من جُدْبِ أحلامي...
فوريقات عمري تبكي أنيسها... وأرقُ الدّهر أدماني...
وحدَك يا أنيس روحي... هناءٌ لقلبي..
وحدَك بسمةُ أملٍ وسرور...
وحدَك أنتَ سرُّ أفكاري...
وحدَك أنتَ لونُ أشعاري...
فيا ترنيمَ الخلودِ على مسامع الأزل...
ليتك تخاطبني بهمسةٍ يضجُّ بها كلامي...
ليتك تمنحني نظرةً يحْضرُّ لها زماني...
يا ليتني أستطيعُ العُبور إليك...
وأُغْرقَ عمري في مِداد عينيك...
يا ساكنَ فؤادي وأملي بالله عليك...
إمْسح بنورِ وجهك هذا الغُبارَ عنِّي...
وإمنحني ظلاً يرحمني...
أنْ... خُذْني إليك...