حسن الطشم
يا أبا هادي،
من أبواب بيوت الفقراء، يطلع شهداؤنا، مآذن معلّقةٌ بين إهلالة قمرٍ ودفقة ماء، وهادي نصر الله لم يكن استثناء، فلا هو ابنٌ للزعماء والوجهاء، ولا أنت، من الشمس الواقعة على جدران بيوتهم.
طلع، من أكمام صباحات الماء الجنوبية، خرج يا سيدي كما خرجت، من ثياب الفقراء لبس كما لبست، في أزقتهم لعب مثلما لعبت..
هو من هذه الأرض، فارسٌ كمقالع رجالها، عاشقٌ لهديك نوافذ النبطية، لتاريخ بساتين جباع، لصمت دساكر البازورية، قدم هادي حسن نصر الله دمه لينقذ أحداق الأطفال من برادات المستشفيات، فداءً لشرفات الخيام وحتّى لا يبقى شريط الشوك الحديدي على صدر الوطن الجريح نياماً.
.. ويا أبا هادي خرساء كلّ عبارات التعزية كسطوح القرويين الشتوية..
.. ويا أيّها الأب الحنون، يا رجلاً، يا ساهراً على كف الزمن.. يا سيد الركب يداك تجاذيف الريح مدّها أشرعة غمام تهمي مطر الصبر والبأس، ويا أم هادي وأخوة الشهيد كلنا هادي ساعة النفير، نملأ ليل الصمت بالصهيل، ونغنّي: "طويلٌ ليل المحتل طويل"..