عباس النابلسي
مهداة إلى روح الشهيد هادي حسن نصر الله
أرثيك أم أرثي شروقاً يسطعُ
وعلى جبينك للحياة تربّعُ
يا مبحراً نحو الخلودِ شراعُه
كم رُحتَ تُلهمُنا الدموعَ وتُفجعُ
أبكيت غصنَ الأرض دمعاً مثقلاً
وزرعت جرحاً بالأسى يتضوّعُ
وسقيتنا مُرّ السنين تجرّعاً
حتّى غدتْ أحشاؤنا تتقطّعُ
يا مسرعاً نحو الوصال وصاله
الليل آتٍ والصباح مُودّعُ
ما كنت فينا غير طيرٍ ساجعٍ
تهوى الذرى، وبغيرها لا تقنعُ
يا مسرعاً نحو الذبول ربيعُه
تلك الفصول حقولُها تتصدّعُ
كم صار حزناً للشعوب رحيلُه
لمّا كبا عن عرشه المترفّعُ
حاشا يا ألق المعاني غيبة
فلأنت في فجر القصيدة مطلعُ
يا مالئ الأيام حرفاً صاخباً
وضميرُكَ العملاقُ صوتٌ أروعُ
أسدَ الفيافي.. هل عراك جراحُها؟
أم كنت فيها تستكين وتهجعُ
للهِ أنت.. فأيّ قلبٍ مُخصبٍ
هذا الذي يُسقى الدماء فيُمرعُ
أم أيّ طيرٍ في الربوع مغرّدٍ
ذاك الذي يُسقى الأنينَ فيَسجعُ
تطوي الحقول تلالها وصعابها
وشموخُ مجدك للمدى يتطلّعُ
قالوا: رحلت، فيُتّمتْ غُدرانُنا
أبداً، فأنت ظلالها والمنبعُ
**
يا أنت، يا جيلاً تعملق سرّه
فيك الشهادة تستضيء وتلمعُ
فيك الرسالة عقلُها وضميرها
فيك الشعوب وحقّها المستنزعُ
بل أنّ للخطّ الكريم عزائمٌ
لا تنثني، وسواعدٌ لا تخضعُ
يا هادياً سفرَ الخلود خلوده
ومعلّم الأجيال فكراً يسطعُ
خطّت يمينك في الأعالي لوحةً
ألوانُ صنعتها النجيعُ المُبدعُ
غنّيت باسم الله لحنكَ مُرهفاً
طابتْ مرابعُنا وطاب المسمعُ
وليومك الميمونِ عزّ ملاحم
قد كنت فيها تستميتُ وتصرعُ
فخفقت لا كالبرق في ومضاته
وصدعتَ لا كالرعدِ لمّا يصدعُ
خضتَ الحروبَ شقاءها ونعيمها
ونهضت بأساً للطغاة تروّعُ
يا قاتلَ الله اليهودَ أما دَرَوا
أنّ المنايا في حشانا تُصنعُ
أمعلّم الأجيالِ نهجّك حاضرٌ
يرسو على قلب الأباة فيخشعُ
أرسلت إسمك للجموع تحيةً
فإليك ردٌ من سلام يرجعُ
عهداً فتيّ العمر أنّ رجالنا
لا تنحني للحادثات وتركعُ
والعهد أنّا لا نلين لمحنةٍ
فيها الإله حسيبنا والمفزعُ
عهداً بأنّا في طريقِ رسالةٍ
ذاك الطريق "االمهدويّ الأنصعُ