مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أحكام الإجارة في الإسلام


علي عبد المنعم طالب


* المعنى .. لغةً واصطلاحاً:
الأجر والأجرة بمعنى واحد لغةً وعرفاً، كلاهما يُعبّران عن الجزاء والعوض لقاء قول أو فعل، أو لقاء منفعة بيت أو دكان أو سيارة أو ثوبٍ وما إلى ذلك، ومشروعيتها تماماً كمشروعية البيع والزواج لا تحتاج إلى دليل، ومع ذلك نذكر بعض الآيات التي تحدثت عن الإجارة للتبرّك والتيمن.
قال الله الحكيم في محكم كتابه:  ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾
وقال أيضاً جلّ شأنه في سورة الطلاق:  ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ﴾
وقد ثبت عن أهل البيت عليه السلام في إرشاداتهم ونصائحهم أنّ من الأفضل للإنسان أن يمارس الأعمال الحرّة كالتجارة وشبهها ولا يؤجر نفسه لغيره لأنّ في الإجارة تحديد للرزق.
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "لا يؤاجر – الإنسان – نفسه ولكن يسترزق الله جلّ وعز ويتجر فإنّه إذا آجر نفسه فقد حظر على نفسه الرزق".
وليس من شك أنّ كراهية إيجار الإنسان نفسه ترتفع إذا اضطر لذلك ولم يجد وسيلة للرزق إلاّ به، فقد أجّر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام نفسه حين هاجر مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة وأبى أن يكون عالةً على غيره.

* شروطها:
يشترط في العقد علاوة على الإيجاب والقبول من المتعاقدين كبقية العقود أن يكون محدداً بزمنٍ معين، لأنّ الإجارة عقد زمني لا بدّ فيه من قيام المنفعة وتقديرها بالزمن، وحيث لم يرد نص من الشارع المقدّس في الحدّ الأقصى والحدّ الأدنى للمدّة الزمنية يُترك التحديد قلّةً وكثرةً لإرادة المتعاقدين شريطة أن تتسع المدّة للعمل وأن تبقى العين بعد استثمار منفعتها.
ويشترط في المتعاقدين أن يكون كلّ منهما بالغاً عاقلاً قاصداً مختاراً غير محجر عليه لسفه أو فلس، لأنّ الصغير والمجنون والسفيه والمفلس ممنوعون من التصرفات المالية بشتى أنواعها تماماً كما هو الشأن في البيع.
ويشترط في العين المستأجرة أن تكون معينة ومعلومة لدى الطرفين، إمّا بالمشاهدة أو بالوصف الرافع للجهالة، وأن تكون حلالاً ومملوكة للمؤجر ومقدورة التسليم وقابلة للانتفاع مع بقاء عينها، فلا تصحّ إجارة المجهول، ولا المغصوب، ولا إجارة مال الغير إلاّ بإذنه، ولا السيارة المسروقة، ولا إجارة الخبز والفاكهة وما إليهما مما لا ينتفع به إلاّ بهلاك عينه.
ويشترط في المنفعة أن تكون معينة ومعلومة وذات قيمة عرفية، وأن تكون لغاية محلّلة كسكنى الدار وزراعة الأرض، فلا يجوز لإنسان ما أن يستأجر بيتاً للدعارة أو المقامرة، أو محلاً لبيع الخمر والمكسرات، أو المغنية للغناء، أو غير ذلك مما يعتبر سبباً تاماً للحرام، وأجمع كلمة لموارد الإجارة المحرمة قول الإمام الصادق عليه السلام:
"أمّا وجوه الحرام من وجوه الإجارة فنظير أن يؤجر الإنسان على حمل ما يحرم عليه أكله، أو شربه، أو يؤجر نفسه في صنعه ذلك الشيء، أو حفظه، أو لبسه، أو يؤجر نفسه في هدم مسجد ضراراً، وقتل النفس بغير حل، أو عمل التصاوير والأصنام والمزامير والبرابط والخمر والخنازير والميتة، أو شيء من وجوه الفساد الذي كان محرّماً عليه من غير جهة من الجهات فمحرّم على الإنسان إجارة نفسه فيه، أو له، أو شيء منه، أو له، إلاّ لمنفعة من استأجره، كالذي يستأجر الأجير يحمل له الميتة ينحيها عن أذاه، أو أذى غيره، وما أشبه ذلك".

* الإجارة والقانون:
من المعلوم أنّ قانون الحكومات في هذا العصر يمنع المالك من إخراج المستأجر من ملكه، وأيضاً يمنعه من زيادة الأجرة، بل أنّ قانون الإيجار كثيراً ما يُعدّل، ويحكم بجواز أخذ مستأجر الدكان الخلو من المستأجر الثاني وغير ذلك، فهل يجوز للمستأجر العمل بقانون الحكومة، وإن لم يرضَ المالك؟
لا بدّ في مقام الجواب من التفصيل بين جهل المالك بقانون الإيجار حين العقد وبين علمه به، فإنّ أجّر المالك الدار مثلاً مع جهله بالقانون أو بشرط عدم الإلتزام بالقانون، كما لو قال المؤجر للمستأجر لست أرضى بقانون الحكومة بحال وإنّما أجرى معك الإيجار على ما يجري بيننا من الإتفاق، إذا كان الأمر كذلك وجب على المستأجر التقيّد بالاتفاق، ولاح يحلّ له العمل بقانون الحكومة، بل يكون حكمه حكم الغاصب إذا سكن وتصرّف من غير إذن المالك.
وإن أجّر المالك مع علمه بقانون الإيجار وأنّه لا يحقّ له أن يُخرِج المستأجر، ولا أن يزيد عليه في الأجرة مهما ارتفع سعر الإيجار، وأنّ عليه أن يتقبّل كلّ ما تفرضه الحكومة، كان الإيجار صحيحاً على حسب القانون لأنّه أقدم عليه مع علمه بإرادته واختياره ولا يحقّ للمالك التعامل مع المستأجر إلاّ على أساس قانون الإيجار أو بالتراضي بين الطرفين.
ومثل ذلك تماماً حكم الخلو الذي يأخذه مستأجر الدكان الأول من المستأجر الثاني، فإن أجّر المالك مع علمه بذلك جاز أخذ الخلو من الثاني لأنّ إقدامه على ذلك مع علمه بمنزلة الشرط الضمني في العقد والمؤمنون عند شروطهم.
ورد عن الإمام الصادق عليه السلام رواية تشير إلى جواز أخذ الخلو، فقد سُئِلَ عليه السلام عن الرجل يرشو الرشوة على أن يتحوّل من منزله فيسكنه.
قال عليه السلام: "لا بأس به".

* قواعد عامّة في الإجارة:
*يتحقّق عقد الإجارة بالإيجاب والقبول بأيّ لفظ أو فعل يفيد المقصود.
*تجري الفضوليّة والمعاطاة في الإجارة كما تجري في البيع.
*لعقد الإجارة لازم من الطرفين.
*لا تبطل إجارة الأعيان بالبيع ولا بموت المؤجّر أو المستأجر.
*لا يستحق الأجير الأجرة قبل إتمام العمل، ولا يجوز بعد ذلك المماطلة بأداء الأجرة إليه إلاّ إذا اشترطا ذلك.
*في كلّ مورد ثبت فيه بطلان الإجارة يستحقّ المؤجر أجرة المثل بمقدار ما استوفاه المستأجر من المنفعة، سواءً كانت الإجارة في النفس أو العين.
*العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر في مدّة الإجارة فلا يضمن تلفها إلاّ بالتعدّي أو التفريط، وكذا العين التي بيد من أجر نفسه لعملٍ فيها كخياطة الثوب وصياغة الذهب وشبه ذلك.


*هل يجوز للمستأجر دفع مقدّم البيت لتقليل بدل الإيجار الشهري؟
-لو أراد استئجار البيت فاشترط عليه المؤجّر إقراضه مبلغاً، وبهذه الملاحظة وافق على السعر الأقل من السعر المتعارف في الأجرة، فلا بأس به. الإمام القائد (حفظه الله)

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع